تكون جسم الفلك ، وذلك يبطل ما ذكرتموه ، وهو جواب عذرهم عن المتمّمات.
قوله على المعارضة الثامنة (١) : «حدوث الحوادث إنّما كان لأنّ الحركات السماوية معدّة لفيضان تلك الحوادث عن واهب الصور».
قلنا : هذه عبارات هائلة ، ونحن نذكر تقسيما حاصرا يبطلها ، فنقول : علّة هذه الحوادث إن كانت قديمة فإن لم يتوقف فيضانها عن تلك العلّة القديمة على حدوث حادث كان ذلك اعترافا بأنّ المؤثر القديم لا يجب أن يكون أثره قديما ، فيبطل أصل دليلكم. وإن توقّف فالعلّة قبل حصول الشرط ما كانت علّة بالفعل وعند حصوله صارت علّة بالفعل ، فكونها علّة بالفعل حكم حادث لتلك الماهية بعد أن لم يكن فلا بدّ لها من مؤثر ، وذلك المؤثر إن كان سابقا عليه فقد أمكن أن تكون علّة وجود الشيء مقدما عليه ، وإذا جاز ذلك جاز استناد وجود كلّ حادث إلى حادث آخر قبله لا إلى أوّل ، كما هو مذهب الفلاسفة ، من غير أن يستند ذلك الحادث إلى مؤثر قديم ، وذلك يسدّ باب إثبات المؤثر القديم. وإن كان المؤثر في تلك العلّة أمرا مقارنا له فالمقارن إن كان معلولا له دار ، وإن لم يكن معلولا فالكلام في حدوث ذلك المقارن كالكلام في الأوّل وتسلسل ، وتعود الأقسام المذكورة بعينها.
وإن كانت علّة الحادث المعيّن حادثة أيضا فذلك الحادث إن وجب أن يكون معه كان الكلام فيه كالكلام في الأوّل فيلزم إثبات علل ومعلولات لا نهاية لها معا ، وهو يسدّ باب إثبات الواجب. وإن كان سابقا عليه كان هو أيضا مستندا إلى حادث آخر سابق عليه لا إلى أوّل على ما هو مذهب الفلاسفة ، وذلك يسدّ باب إثبات الصانع. فثبت أنّه إمّا أن يلزمهم نفي الصانع أو الاعتراف بمؤثر قديم يتخلف أثره عنه.
__________________
(١) في النسخ : «الخامسة» ، وما أثبتناه هو الصواب.