وعن الرابع : ما تقدّم من عدم استدعاء السبق الزمان. (١) وانتقاضه بأجزاء الزمان وبواجب الوجود تعالى. ونمنع كون الزمان مقدارا للحركة تابعا لها ، فإنّ بعضهم ذهب إلى أنّه مقدار لمطلق الوجود. (٢)
وعن الخامس : أنّ الإمكان المفترض قبل العالم الذي يتسع لحوادث عشرة أيّام أقلّ من الذي يتسع لعشرين يوما ، إنّما هو أمر ذهني واعتبار عقلي لا تحقّق له في الخارج.
ثمّ ما المراد من هذا الكلام؟ إن عنيتم به أنّه وجد قبل حدوث العالم بأجسامه وأعراضه أمر يتسع لعشرة من الدورات وأمر آخر يتسع لعشرين فهو مصادرة على المطلوب الأوّل ، فلم قلتم : إنّه يوجد قبل حدوث العالم مدّة وزمان وهل النزاع إلّا فيه؟
وإن عنيتم به أنّ الدورات العشرة إذا وجدت كانت أقلّ من الدورات العشرين فمسلّم ، ولكن ذلك لا يقتضي وجود زمان قبل حدوث العالم.
ولقد سألت شيخنا أفضل المحقّقين نصير الملّة والدين ـ قدّس الله روحه ـ عن ذلك ، فقال : لا فرق بين فرض امتدادين في الزمان أحدهما أطول من الآخر وامتدادين في المكان أحدهما أطول من الآخر ، فإن اقتضى الفرض الأوّل وجود زمان محقّق اقتضى الفرض الثاني وجود بعد محقّق. وكما أنّ الأوّل يكون غير متناه
__________________
(١) إنّ القبلية تستلزم وجود الزمان إذا ثبت أنّها أمر موجود في الخارج. قواعد المرام : ٦١ ـ ٦٢. وذكر فيه وجوه المنع عن كونها في الخارج.
(٢) راجع المجلد الأوّل من هذا الكتاب ، ص ٣٣٤. وقال الرازي : «إنّ أصحاب أرسطاطاليس يحتجون على قدم الزمان ، ثمّ لما كان مذهبهم : أنّ الزمان مقدار الحركة ، لا جرم أمكنهم أن يستدلوا بقدم الزمان على قدم الحركة ، وبقدم الحركة على قدم الجسم. فإذا قلنا المدّة والزمان : جوهر قائم بنفسه ، وأنّه ليس من لواحق الحركة ، فحينئذ لا يمكن الاستدلال بقدم المدة على قدم الحركة والجسم. فلتكن هذه الدقيقة معلومة». المصدر نفسه : ٢٠٠.