ولأنّه لو عدم لاجتمع فيه النقيضان. ولجواز أن يخلق الله تعالى عدد الضدّ الحادث أكثر.
اعترض من حيث الإجمال والتفصيل.
أمّا الإجمال فهو أنّ وجود الضدّ إمّا أن يكفي في منافاته لضدّه أو لا بدّ معه من أمر زائد ، فإن كان مجرّد وجوده كافيا وذلك غير مختلف فيهما لزم تعذر نفي أحدهما بالآخر دون العكس لعدم الأولوية ، وإن كان لا بدّ معه من زائد فباعتبار انتفاء ذلك الزائد يلزم أن يمكن أن يجامع ضدّه ، ولو جاز ذلك فيه بطل دعوى المنافاة بالتضاد. كيف وأنّه غير مستقيم على أصولكم؟ فانّ عندكم لا يصح أن تتوقّف المنافاة بشيء زائد على الضدّ ، لأنّ ما يتنافيان بالتضادّ يتنافيان بأنفسهما وحدهما ولهذا قالوا : إنّ التضاد يرجع إلى الآحاد دون الجمل ، ولهذا لم تفترق الحال في تعذر الجمع بين جزء واحد من البياض في محلّ فيه جزء واحد من السواد وبين أن يكون فيه الف جزء.
وفيه نظر ، فانّا نقول : وجود كلّ من الضدّين كاف في المنافاة ، ولهذا لا يكون أحدهما موجودا مع صاحبه ولا يتخصص أحدهما بالوقوع من حيث إنّه ضدّ بل يحتاج في ترجيحه إلى الفاعل ، فلما أوجد الفاعل أحد الضدّين كان قاهرا (١) لصاحبه ونافيا له ، فإذا أراد الفاعل إيجاد الآخر افتقر المتجدد في اعدام الأوّل إلى مرجّح وهو إرادة الفاعل لايجاده. فالحاصل أنّ المنافاة من الطرفين على السواء لكن تخصيص أحدهما بالوجود أو بالعدم إنّما يكون بواسطة الزائد وهو ترجيح الفاعل.
وأمّا التفصيل فقالوا :
على الأوّل : لا نسلّم أنّ في الأعراض ما هو باق فجاز أن يكون الله تعالى
__________________
(١) الكلمة مشوشة في النسخ ، ولعلّ الصواب ما أثبتناه.