عندكم أن يكون تأثير الضد ، فلم لا يجوز أن يكون تأثير القادر؟ وهذا هو الوجه الذي ذهب إليه أبو الحسين (١) الخياط في جواز عدم الأجسام. وهذا وإن لزم منه صحّة الاعدام للأجسام بهذا الطريق ، ولكن لم يحصل به صحّة اعدامها بما ذهبوا إليه من الفناء ، وهذا هو المقصود في هذا المقام.
سلّمنا انّها تزول بالضد ، لكن قلتم : إنّه إنّما كان زوال الزائل بالضد أولى ، لأنّه خلق ضدّين في محلّ فيه ضدّ واحد ، وهذا العذر لا يستقيم على أصولكم لوجهين :
الأوّل : التضاد عندكم يرجع إلى الآحاد.
الثاني : إنّما تكلّمنا في هذه المسألة مع من يقول : الفناء يفني جميع الأجسام ولا يستقيم له هذا الجواب.
وعلى الثاني : أنّ الباقي كالحادث في استلزام اجتماع الوجود والعدم ، فإنّ جعلتم الباقي يرتفع في الزمن الثاني من وجوده فكذا ارتفاع الحادث.
وعلى الثالث : أنّ الباقي ممكن لذاته والوصف الذاتي لا يتبدل فلا فرق بين حالة الحدوث والبقاء. ولو سلّمنا أنّه غير متعلّق السبب ، ولكن لم قلتم : بأنّ أثر السبب في أكثر من وجوده ، ثمّ الوجود الذي هو مسبب السبب لا يختلف بين الحادث وبين الباقي فصار وجود السبب كعدمه فيما يرجع إلى زيادة قوة في وجود الحادث؟
__________________
(١) في النسخ وكذا في أنوار الملكوت : ٤٩ : «أبو الحسن» ، وهو خطأ. وهو عبد الرحيم بن محمد بن عثمان ، أبو الحسين الخياط. صاحب كتاب الانتصار. ذكره ابن المرتضى في رجال الطبقة الثامنة. توفي سنة ٣٠٠ ه. (طبقات المعتزلة : ٨٥). وقال الشهرستاني : إنّه أستاذ أبي القاسم ابن محمد الكعبي ، وهما من معتزلة بغداد على مذهب واحد ، إلّا أنّ الخياط غالى في إثبات المعدوم شيئا ... الملل والنحل ، ترجمة (الخياطية والكعبية).