سلّمنا أنّه لا بدّ وأن يستوي الأمران عنده لكونه قادرا ، لكن نمنع المرجح ، كالعطشان والهارب والجائع ، فانّهم يختارون أحد الأمرين لا لمرجّح لفرض التساوي.
سلّمنا ، لكن لا نسلّم أنّ المرجح هو الداعي ، فانّ الساهي والنائم يفعلان حالة السهو والنوم أنّه لا داعي لهما ولم يكن ذلك إلّا لوجود مرجّح آخر غير الداعي.
سلّمنا ، لكن يكفي الظن والتجويز ولا يشترط العلم.
سلّمنا ، لكن نمنع انتفاءه.
قوله : «لا يخطر ببال العوام ذلك».
قلنا : جملة أو تفصيلا؟ ع م. (١)
بيانه : أنّهم وإن لم يعلموا تفصيل ما يعلمون ولكنّهم يعملون على الجملة أنّهم يفعلون أمرا من الأمور ، وهذا علم إجمالي.
فالجواب : معنى القادر من استوى عنده الطرفان ولا يرجح أحدهما إلّا لداع ، حتى لو كان قد ترجح منه صدور الأثر إمّا لذاته أو لزائد غير الداعي سميناه موجبا ، ويحدّ القادر بأنّه الذي يصحّ منه أن يؤثر بحسب الداعي إذا لم يكن مانع. وقد ثبت القادر بالضرورة في الشاهد على الوجه الذي ذكرناه.
قوله : «لم قلتم : إنّه إذا استوى منه الأمران افتقر إلى المرجّح؟».
قلنا : لاستحالة ترجيح أحد المتساويين لا لمرجّح. وما ذكروه من الصور نمنع انتفاء المرجّح فيه ، بل يوجد فيه أدنى مرجّح ، وللطفه وقصر زمانه لا يتذكر ولو لم يحصل المرجح لتحير ووقف عن الفعل ولو دام سبب التحير دام التوقف.
__________________
(١) لعلّ المراد : إن أريد جملة فممنوع ، وإن أريد تفصيلا فمسلّم.