والجواب قوله : «لم اقتصرتم في إبطال الكون معنى موجبا على أحد قسميه؟».
قلنا : لأنّ هذا القسم هو المختلف فيه ، وما عداه مجمع على بطلانه.
قوله : «يعنون اقترانهما في زمان واحد».
قلنا : نعني معنى آخر زائد على التقارن في الزمان ، فانّا لو قدّرنا حصول الحياة والعلم وصفة العالمية ـ التي هي موجبة العلم عندهم ـ تقارنه في الزمان فانّا نعقل أمرا زائدا في حاجة العلم إلى الحياة ليست تلك الحاجة للعلم إلى معلوله الذي هو صفة العالمية وإن اشترك الكلّ في حصولها في زمان واحد ، حتى لو قدّرنا هذه الكائنية معللة بعلّة أخرى غير هذا الكون فما دلّ من الدليل الدال على حاجة هذا الكون إليه يقتضي أن لا يوجد الكون بدونها ، وإن لم يكن معلولا لها على هذا التقدير ، وهو الذي أردناه بقولنا : إنّ الكون محتاج في وجوده إلى كون محلّه كائنا في الجهة الثانية ، لأنّه كما استحال أن يوجد هذا الكون لا في محل ، لأنّه لا يكون له اختصاص بجسم دون جسم ، استحال أيضا أن يوجد فيه وهو في الجهة الأولى ، لأنّهم زعموا أنّه حينئذ لا يكون له اختصاص بجهة دون أخرى ، فإمّا أن يوجب حصوله في الجهات السبب أو لا يوجب حصوله في شيء من الجهات ، وإن استحال أن يوجد فيه إلّا وهو في الجهة الثانية صحّ ما ادّعيناه أنّ الكون على هذا التقدير يحتاج إلى كون الجسم كائنا في الجهة الثانية ؛ بخلاف السواد وزوال البياض ، فانّ ذلك مجرّد اقتران في الزمان بخلاف احتياج الكون إلى الكائنية في الجهة الثانية فانّه ليس بمجرّد التقارن.
قوله : «يبطل بالجسم مع الكون».
قلنا : الجسم يقتضي وجوب كونه كائنا في جهة ما والمقتضي إذا حصل وجب أن يقارنه مقتضاه ، ولهذا لم يتصور وجود الجسم إلّا مع الكون.