ولا نسلم أنّ الجسم يحتاج في وجوده إلى الكون وإلى الكائنية. وكون الجسم يستحيل وجوده بدون كونه كائنا لا يقتضي احتياج الجسم إلى الكون ، فانّ العلّة يستحيل وجودها بدون وجود المعلول.
قوله : «متى يستحيل إذا احتاج إليه على التعيين ، أو لا على التعيين؟».
قلنا : سواء احتاج إليه على التعيين أو لا ؛ لأنّه إذا احتاج في كونه كائنا إلى كون ما ، لكن ذلك الكون إذا استحال حصوله إلّا في الجسم الموصوف بكونه كائنا في الجهة الثانية وكونه كائنا في الجهة الثانية معلول ذلك الكون ، فيلزم حاجة الشيء إلى نفسه.
ولا نسلّم أنّ القادر محتاج في تكوينه في الجهة الثانية إلى زوال كونه في الجهة الأولى.
الوجه الثالث : (١) ذلك المعنى الذي يوجب حصوله في ذلك الحيز إمّا أن يصحّ وجوده قبل حصوله في ذلك الحيز أو لا ، فإن صحّ فإمّا أن يقتضي اندفاع ذلك الجوهر إلى ذلك الحيز أو لا ، فإن كان الأوّل كان ذلك هو الاعتماد ولا نزاع فيه ، وإن كان الثاني لم يكن بأن يحصل بسبب ذلك المعنى في حيز أولى من حصوله في غيره. اللهم إلّا بسبب منفصل ، ثمّ يعود الكلام الأوّل فيه. وأمّا إن لم يصحّ وجوده إلّا بعد حصول الجوهر في ذلك الحيز كان وجوده متوقفا على حصول الجوهر فيه ، فلو كان حصول الجوهر فيه محتاجا إلى ذلك المعنى لزم الدور.
احتج أبو هاشم بوجوه : (٢)
__________________
(١) أنظره في نقد المحصل : ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٢) راجع المصدر نفسه ، وقال الطوسي بعد ذكر الوجوه : «وضعف هذه الحجج غنيّ عن الشرح». راجع أيضا : أنوار الملكوت : ٢٦ ؛ المحيط بالتكليف : ٤١ ؛ التوحيد للنيسابوري : ٣٠ و ٤٤ ؛ نهاية العقول (الفصل التاسع في : العلّة والمعلول) ؛ مناهج اليقين : ٥٣.