ويكون لأجل اختلاف الغرض والدواعي تختلف الأحكام.
سلّمنا أنّ الخبرية وجه يقع عليه الخبر ، لكن لم قلتم : إنّه يثبت بالقادر ، فانّ القادر لا يتعدى طريقه الاحداث وصفة الخبر غير صفة الحدوث؟
سلّمنا أنّه يثبت بالقادر ولكن ابتداء أو بواسطة؟ ع م. (١)
بيانه : أنّ كونه خبرا وإن كان يثبت بالقادر لكن بواسطة كونه مريدا ، ومن قدر على بعض الإرادات قدر على الجميع فلذلك وجب فيمن قدر أن يجعل الكلام على صفة كونه خبرا عن زيد أن يقدر على أن يجعله خبرا عن غيره ، لأنّ ذلك يحصل باقتران الإرادة وأي إرادة قرنها به صار على صفة أخرى ، بخلاف المتنازع من كون الجسم كائنا وكونه على سائر الصفات فإنّ ذلك لا يثبت بالإرادة حتى إذا رام كونه على تلك الصفة لا يحصل ذلك بإرادته ، ولو لزم ذلك فيمن يثبت للذات صفة بواسطة أن يقدر على تلك الذات للزم إذا تجدد له صفة كونه مدركا أو كونه مريدا بأي صفة كان أن تصير ذاته تعالى مقدورة.
سلّمنا أنّه يقدر على ذلك بدون واسطة ، لكن لا نسلّم أنّه يمكن أن يجعل القدرة على أحد الأمرين علّة للقدرة على الآخر ، فانّه لا يخلو إمّا أن تكون القدرة على جعله خبرا هي القدرة على الذات وعلى سائر الصفات أو غيرها ، فإن كان الأوّل وهو الأقرب لمذهبهم أنّ القدرة تتعلّق بالضدّين ، فنقول : كيف يمكن أن يجعل تعلّق القدرة على أحدهما علّة للتعلّق على الآخر ، فانّه ليس أولى من العكس؟ وكذا إن كان الثاني ، فانّه كيف يمكن جعل إحدى القدرتين علّة لوجود التأثير؟
سلّمنا أنّه يمكن جعل أحدهما علّة ، لكن لم قلتم : إنّ صحّة اقتدارنا على
__________________
(١) لعلّ المراد من ع انّ الأول (ابتداء) ممنوع ، ومن م أنّ الثاني (بواسطة) مسلم.