غير معلوم عندكم ، فإنّ كلّ هذه صفات ، فإنّ كون الكلام خبرا وحدوثه صفة وكون الجسم كائنا صفة وما يلزم من ذلك وهو القدرة على إحداث الذات أو إثبات سائر الصفات كلّها صفات ، فإذا لم تكن الصفة معلومة عندكم لم يعلم الدليل فكيف يعلم المدلول؟
لا يقال : الصفة وإن لم تكن معلومة لكن الذات مع الصفة تكون معلومة. (١)
لأنّا نقول : «قولكم الذات مع الصفة مجمل» ونحن نقسم فصول الدليل الدالّ على الحكم ، إمّا أن يكون هو الذات وحده وليست بدليل ، لأنّه ليس هو الذي يتحدد بالفاعل عندكم. وإمّا الصفة وحدها وليست معلومة عندكم خصوصا من يجعل الصفة ليست زائدة على الذات. وإمّا المجموع ويلزم منه أن تكون الصفة معلومة ، لأنّ العلم بالمركّب يستلزم كون كلّ جزء من أجزائه معلوما.
سلّمنا ، لكن نمنع ثبوت الحكم في الأصل ، فانّا نمنع أنّ كون الكلام خبرا أو أمرا صفة راجعة إلى الكلام حتى يصحّ أن يقال : إنّ قدرتنا على صفة الكلام توجب قدرتنا على أصل الكلام ؛ فانّ الخبرية والأمرية وغيرهما لو كانت صفات ، لم تعلم لكلّ واحد من آحاد الحروف ، ولا لواحد منها ، وإلّا لكان الحرف الواحد خبرا أو أمرا أو نهيا ، وهو محال. ولا لمجموع الحروف ، وإلّا لزم انقسام الخبرية والأمرية (٢) ، ولأنّه لا وجود لمجموع الحروف.
لا يقال : صيغة الخبر في الصدق والكذب واحدة ، وإذا كان صدقا تعلّق به المدح ، وإذا كان كذبا تعلّق به الذم ، فدلّ على الزائد.
لأنّا نقول : جاز أن يرجع بذلك إلى مجرّد إيقاع الصيغة لغرض مخصوص ،
__________________
(١) هذا هو الاعتراض المشهور عندهم. مناهج اليقين : ٥٥.
(٢) لانقسام المحل. مناهج اليقين : ٥٥.