أخص صفاته ، لأنّه طريق إلى تمييز الأجناس بعضها من بعض ، فلو تناول ما لا تتميز الأجناس به لم يكن طريقا إلى تميزها.
لأنّا نقول :
أمّا الأوّل : فباطل ، لأنّ شرط القياس وردّ الفرع إلى الأصل في الحكم المساواة في إثبات الحكم ، وإذا كان الحكم المطلوب في الفرع غير الحكم الثابت في الأصل لم يمكن ردّ ذلك إليه. ومن قدر أن يثبت حكما فيخبر فلو قدر على نفس الخبر الذي هو صفة لا يلزم فيمن قدر أن يجعل الذات على صفة أن يقدر على إحداث الذات قياسا عليه ، فإنّ إثبات الصفة غير إمكان إحداث الذات ، خصوصا على قولكم القدرة لا تتعلق على تجدد الصفة ، فانّ القادر لا يتعدى طريقه الاحداث وإنّما يتعلّق بالاحداث ، فإذا اختلف المتعلّق جاز أن يختلف ما يتعلّق به.
وأمّا الثاني : فانّا لا نسلم أنّه لو كانت صفة وكانت بالفاعل لم يصحّ أن يتعلق الإدراك به.
قولكم : «الإدراك يتعلق بأخص الصفات ليكون طريقا إلى التمييز».
قلنا : إن كان شرط (١) تمييز الشيء بالإدراك أن يتعلّق بأخص صفاته على هذا التفسير ، فبينوا أوّلا أنّه ليس بالفاعل حتى يكون طريقا إلى تمييزه. فلم قلتم بأنّه يلزم أن يكون الإدراك يتعلّق بأخص صفاته حتى يكون طريقا إلى تمييزه؟
سلّمنا أنّ الصوت ذات ، لكن قياس الفرع على الأصل لأجل إثبات ما ثبت في الأصل في الفرع للعلّة الجامعة يقتضي كون الحكم في الأصل معلوما بالعلّة التي بها ثبت الحكم ، وأن تعلم العلّة في الفرع حتى يمكن تعدية الحكم إليه ، وكلّ ذلك
__________________
(١) ق : «من» بدل «شرط».