بينهما غاية التباعد فلا يكون ضدّ الواحد إلّا واحدا.
ومن جوز قيام المماسات بالجوهر الواحد وجعلها إلزاما لأبي الحسن وأبي إسحاق لم يطلق القول بالتضاد عليهما ، لأنّ المماسّات عنده أكوان وليست أضداد لاجتماعها فهي أكوان مختلفة غير متضادة.
احتجّ المشايخ على التماثل أيضا فيما إذا اتحدت الجهة بأنّها لو كانت مختلفة لا فترقت في وجه يوجب الخلاف ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله. والشرطية ظاهرة.
وبيان بطلان التالي : أنّه لا يمكن الإشارة إلى وجه يوجب المخالفة سوى الأسماء ، فيقال في بعضها حركة وفي البعض سكون. واختلاف العبارة لا يوجب اختلاف الحقيقة ، فانّ الحركة تصير سكونا إذا بقيت والبقاء لا يقلب الجنس ، ونفس ما هو سكون قد كان يجوز أن تقع حركة ، فانّه تعالى لو قدم خلق الجوهر في مكان لصحّ أن ينتقل بهذا الكون إلى هذا المكان فتكون حركة وإن كان الآن سكونا.
قال أبو علي : لو كانت الحركة في جهة والسكون فيها مثلين وجب صحّة اجتماعهما. وأبو هاشم التزم به ، لكن عند الاجتماع تخرج الحركة عن أن تسمى بذلك ، من حيث إنّ هذه التسمية تقتضي أن ينتقل بها إلى مكان سواه وقد بيّنا أنّ نفس ما هو حركة يصير سكونا بالبقاء ، ونفس ما هو سكون قد كان يصحّ أن يوجد حركة على ضرب من التقدير ، فأمّا في الوجود فالسكون محال أن يصير حركة من بعد ، لأنّه يقتضي قلب جنسه من حيث إنّ أخص ما عليه هو إيجابه لكون الجوهر كائنا في هذه المحاذاة فلو اقتضى انتقال الجوهر لانقلب جنسه. وعلى التضاد فيما إذا خرجت الأكوان عن الاختصاص بالجهة الواحدة بالعلم الضروري بامتناع حصول الجوهر الواحد في الوقت الواحد في مكانين ، ولا وجه لهذه الاستحالة إلّا تضاد الكونين اللذين بهما يحصل في الجهتين ، فلاستحالة اجتماعهما