يتعلّق بخصوصه لا لمطلق الوجود. (١)
لا يقال : المانع من وقوع الفصل أنّه يحدث فيه مثل ما يحدث في السفينة من الأكوان فتصير كالمبرود الذي لا يدرك برد الماء.
لأنّا نقول : الحادث في السفينة ضدّ ما يحدث فيه. وأيضا فهو ينظر إلى الشط فلا يعرف حركته وسكونه وإن كان لا يحدث فيه شيء. وأيضا كان يلزم أن لا يقع له الفصل إذا ركب دابة بين سيره ووقوفه.
لا يقال : غير راكب السفينة يفصل بين كونها متحركة وواقفة فيجب أن يدلّ على أنّ الكون مرئي.
لأنّا نقول : لو كانت مرئية في نفسها لوقع لراكب السفينة الفصل ، وهو ممنوع. وأيضا لو كانت مدركة لوقع الفصل بين كثيرها وقليلها ، كاللون والطعم وغيرهما ، ونحن لا نفرّق بين أن يكون في الجسم حركة واحدة أو كثيرة. وأيضا لو كانت الأكوان مدركة لوقع العلم الضروري بها ، فكنا نستغني عن الاستدلال على سكون الأرض.
احتج أبو علي بأنّا ندركه بفرقة بين المتحرك والساكن.
والجواب : لا نسلم أنّ التفرقة باعتبار الإدراك.
ولأبي هاشم في الاعتذار عنه وجهان :
الأوّل : قال في العسكريات : إنّ التفرقة هي باعتبار أنّ الجسم إذا تحرك عن مكانه وشغل غيره فإنّا نشاهد الأوّل فارغا بعد أن كان غير مرئي لكون الجسم فيه ،
__________________
(١) واستدل به النيسابوري أيضا ، حيث قال : «إنّ الأكوان لو كانت مدركة لوجب في راكب السفينة أن يفصل بين أن تكون السفينة واقفة وسائرة ؛ لأنّ المرئي قد حصل على الوجه الذي يدرك والرائي قد حصل على الوجه الذي يرى ، والموانع مرتفعة ، فيجب أن يدرك ويفصل بينه وبين غيره إذا لم يكن هناك لبس». واستدل أيضا بأربعة وجوه أخرى ، فراجع التوحيد : ١٣٩ ـ ١٤١.