أن يفعل في كلّ جزء بعدد أجزاء المحمول كلّها ، فصار قوله في نفس المحمول مثل قول أبي هاشم في المعاني التي نافته.
احتجّ الأوّلون بأنّ الثقل الحاصل في جميع الأجزاء يصير كأنّه موجود في هذا الجزء الواحد لمكان الاتصال ، فإذا فعلنا في كلّ جزء عشرة أجزاء من الحركة قابل ما فيه من الثقل فلا يكون وجود التحريك والحمل أولى من أن لا يوجدا ، بل صارا كالقادرين المتساويين قدرة إذا تجاذبا حبلا فإنّه إنّما يصير إلى جهة أحدهما بزيادة فعل.
واعلم أنّ التحريك أسهل من الحمل ، ولهذا صحّ من أحدنا تحريك الحجر الكبير دون حمله لمساعدة الأرض لفاعل التحريك دون الحمل ، فيحتاج الحمل إلى زيادة. ولأنّ الحمل يوجب ضعفا في محلّ القدرة وتفريقا فلا يمكنه الاستمرار عليه.
أمّا فكّ بعض الجسم عن بعض فانّه يحتاج فيه إلى أزيد ممّا يحتاج في حمله ولهذا يمكن من حمل ما يعجز عن فكه ، لكن القدر الذي يحتاج إليه في التفكيك غير محصور بعدد.
وأمّا المتمانعان فتكفي زيادة يسيرة من جهة أحدهما في حصول الجسم في جانبه.
السادس : إذا حركنا جسما كالحجر وغيره فكلّ أجزائه تتحرك (١) ، خلافا للكعبي فإنّه قال : إذا حرك لا تتحرك إلّا الصفحة العليا منه دون ما بطن ، وذلك أنّ الكل من أجزائه يحصل في جهة سوى ما كانت فيه ، وإلّا لشوهدت الأجزاء
__________________
(١) ذهب إليه الجبائي أيضا حيث قال : «إنّ الجسم إذا تحرك ففيه من الحركات بعدد أجزاء المتحرك في كلّ جزء حركة» مقالات الإسلاميين : ٣٢٠. وخالفه الشيخ المفيد وفاقا للكعبي وغيره من المتقدّمين. أوائل المقالات : ١٢٨.