الحيز خصصه عن المجردات والأعراض. وقولنا : «بعد أن كان في حيز آخر» خصصه عن باقي أنواع الكون. وهو مبني على القول بالجوهر الفرد وتتالي الآنات وتتالي الحركات التي لا تتجزأ. (١)
وأمّا الحكماء فقالوا (٢) : الموجود يستحيل أن يكون بالقوة من كلّ وجه ، وإلّا لكان في وجوده أيضا بالقوة فلا يكون موجودا وقد فرضناه كذلك ، هذا خلف. بل ويكون في كونه بالقوة بالقوة فتكون القوة حاصلة وغير حاصلة ، هذا خلف. ولأنّ نفي القوة ليس لنفي الإمكان لأنّا فرضناه موجودا بل لثبوت الوجود ، والقوة تقتضي العدم فيكون موجودا معدوما ، هذا خلف. وإذا كانت القوّة حاصلة بالفعل فهي صفة الشيء ، لامتناع بقائها بذاتها ، فذلك الشيء يكون بالفعل بالضرورة.
فإذن كلّ موجود إمّا أن يكون بالفعل من كلّ وجه ، أو يكون بالفعل من وجه وبالقوة من وجه ، وكلّ ما هو بالقوة فإمّا أن يكون خروجه إلى الفعل دفعة أو على التدريج ، والثاني هو الحركة. فحقيقتها هو الحدوث أو الحصول أو الخروج من القوّة إلى الفعل يسيرا يسيرا أو على التدريج أو لا دفعة. وبهذا عرفها قدماء الحكماء. (٣)
__________________
(١) قال الطوسي : «هذا الحدّ للحركة هو حدّها عند المتكلّمين ، وهو مبني على القول بالجوهر الفرد وتتالي الحركات الأفراد غير المتجزئة». نقد المحصل : ١٤٩. راجع أيضا المطالب العالية ٤ : ٢٨٩.
(٢) راجع الفصل الأول من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ مناهج اليقين : ٥٧.
(٣) أنظر هذا التعريف في الفصل الأوّل من المقالة الثانية من طبيعيات النجاة ؛ مقاصد الفلاسفة : ٣٠٤ ؛ شرح المواقف ٦ : ١٩٦ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٤٠٩ ؛ الجرجاني ، التعريفات : ١١٤.