وهكذا له نسبة معيّنة إلى كلّ مرتبة من مراتب الأعداد الغير المتناهية ، ومفهومات تلك النسب متغايرة ، فانّ نصفية الاثنين مغايرة لثلثية الثلاثة وأربعية الأربعة وهكذا. والمفهوم من كونه واحدا مغاير لجميع هذه النسب أيضا. ويمتنع أن يكون لتلك النسب الغير متناهية وجود في الأعيان ، وإلّا تسلسل ، فكذا هنا.
الرابع : المفهوم من كون الجوهر ذاتا مغاير للمفهوم من كونه جوهرا ، ولا (١) يلزم أن يكون كون الجوهر ذاتا صفة ، وإلّا لكان الكلام في أصل الذات عائدا ، ويتسلسل.
الخامس : المفهوم من كون الجوهر غير العرض مغاير للمفهوم من كونه جوهرا ، ثمّ لا يلزم أن تكون الغيرية صفة ثبوتية زائدة ، وإلّا تسلسل. وكذا القول في المماثلة والمخالفة والتعيّن والتعدد.
السادس : المفهوم من ذات الجوهر مغاير للمفهوم من كونه حادثا وباقيا ، ثمّ إنّ الحدوث والبقاء لا يمكن أن يكونا وصفين ثبوتيين ، وإلّا تسلسل.
السابع : المفهوم من كون الإنسان ليس بحجر مغاير للمفهوم من كونه ليس بشجر ، ثمّ هذه السلوب ليست وجودية ، وإلّا تسلسل ولزم حصول صفات غير متناهية للشيء الواحد لا مرة واحدة بل مرارا لا نهاية لها.
فظهر من هذه الوجوه أنّه لا يلزم من التغاير في المفهوم إثبات الصفات المتغايرة ، فظهر فساد دعوى الضرورة.
وما ذكرتموه من الاستدلال (٢) وهو «انّا ندرك الجسم متحركا بعد أن لم يكن ، فتبدّل الحالتين عليه مع بقائه مدرك بالحس ، وهو يدل على كون تلك الأحوال المتبدلة أمورا ثبوتية» ممنوع ، فانّا لا نسلّم أنّ الجسم الذي كان ساكنا بقي وصار
__________________
(١) في النسخ : «إلّا» ، وما أثبتناه من نهاية العقول.
(٢) في الدعوى الأولى من الدعاوي الأربعة ، ص ١٦.