بعينه متحركا ، بل ذلك الجسم عدم وحدث جسم آخر وهو لذاته متحرك ؛ لأنّ حدوث الشيء ليس زائدا عليه بل هو نفسه ، وإلّا تسلسل. ثمّ إنّ الحدوث لا يبقى في الزمان الثاني فوجب أن لا تبقى ذاته ، وإلّا كان حدوثه مغايرا لذاته ، وهو محال.
لا يقال : إنّ مقصودنا من هذا الدليل حدوث الأجسام ، فإذا سلّمتم ذلك فقد سلّمتم المقصود.
لأنّا نقول : هب أنّ ذلك مساعدة على المطلوب ، لكن لا يبقى دليلكم ـ الذي طلبتم تصحيحه ـ مستقيما.
سلمنا بقاء ذات الجسم ، لكن لم قلتم : إنّ تبدل الساكنية بالمتحركية يدل على وجودها (١)؟ فانّ التبدل غير دالّ عليه لوجهين :
الأوّل : لمّا اثبتم حدوث العالم فلا بدّ وأن تجزموا باستحالة وجوده أزلا ، ولا بدّ من تبدل تلك الاستحالة بالإمكان فيما لا يزال. فالتبدل هنا حاصل مع امتناع كون الإمكان أو الامتناع ثبوتيا. أمّا الامتناع ، فلأنّه لو كان ثبوتيا لكان الموصوف به ثابتا فيكون ممتنع الوجود موجودا ، هذا خلف. وأمّا الإمكان ، فلما سبق.
الثاني : الشيء حال حدوثه يكون حادثا وحدوثه يبطل حال بقائه ، فقد تبدل الحدوث بالبقاء وليسا وجوديين. أمّا الحدوث ، فلأنّه لو كان صفة لكانت حادثة ويكون لها حدوث زائد ويتسلسل. وأمّا البقاء ، فلأنّه لو كان صفة لتوقف إمكان حصولها في الجوهر على حصول الجوهر في الزمان الثاني وحصوله في الزمان الثاني إمّا هو نفس البقاء أو معلول للبقاء ، فيلزم إمّا توقّف الشيء على نفسه أو على ما يتوقف عليه ، وهما محالان.
__________________
(١) نهاية العقول : «وجودهما».