بالفعل. أو الأمر المتصل الممتد من أوّل المسافة إلى آخرها ، ولا يعقل تحقّقه أيضا إلّا بعد تعقلهما بالفعل. والأوّل يستلزم وجودهما بالفعل لأنّ الحركة موجودة بالفعل فما يتوقف عليه يجب أن يكون موجودا بالفعل.
واعلم أنّ مبدأ الحركة ومنتهاها متضادان بالذات.
أمّا في الحركة في الكيف ، فكالحركة من السواد إلى البياض ، فالسواد والبياض اللّذان هما مبدأ الحركة ومنتهاها متضادان بالذات.
وأمّا في الحركة في الكم ، فكالانتقال من أكبر حجم في طبيعة الشيء إلى أصغر حجم في طبيعته ، كالحركة من غاية النمو إلى غاية الذبول.
وقد لا يتضادان فلا بدّ وأن يكونا بين الضدين (١) ، ولكن يجب أن يكون أحدهما أقرب إلى أحد الضدين والآخر أقرب إلى الضدّ الآخر ، كالانتقال من الصفرة إلى النيلية. (٢) وفي الكم من الذبول الذي ليس في الغاية إلى النمو الذي ليس في الغاية ، هذا ما يتعلّق بالحركة في الكم والكيف.
وأمّا الحركة في الأين فما منه وما إليه الحركة ليسا ضدّين في ذاتيهما ، لأنّهما مبدأ مسافة ومنتهاها ، وذلك إمّا نقطة ، أو خط ، أو سطح ، وهما غير ضدين حينئذ بل عرض لأحدهما أن كان مبدأ وللآخر أن كان منتهى فبهذا الاعتبار صارا ضدّين.
ثمّ إنّ كونهما طرفي الحركة قد يكون طبيعيا لازما كما في المركز والمحيط فانّهما
__________________
(١) قال الشيخ الرئيس : «وربّما كان ما منه وما إليه ضدّين ، وربّما كانا بين الضدين ، لكن الواحد أقرب من ضدّ والآخر أقرب من ضد ، وربّما لم يكونا ضدّين ولا بين ضدّين ولكن كانا من جملة أمور لها نسبة إلى الأضداد وأمور متقابلة بوجه ما فلا تجتمع معا كالأحوال التي للفلك ...» الفصل الأوّل من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ١ : ٩٠ ـ ٩١.
(٢) هذا في الكيف.