ضدّان لا لذاتيهما لأنّ كلّ واحد منهما نقطة ، بل لعارضين عرضا له وهو كون أحدهما غاية القرب من الفلك والآخر غاية البعد عنه فيلزم أن يكون أحدهما علوا والآخر أن يكون سفلا ، وبسبب ذلك يتضادان إذ ليس في الجهات جهة طبيعية إلّا هاتان.
وقد لا يكون طبيعيا ، بل يحصل بواسطة الحركة ، فانّ الحركة لما ابتدأت من أحد الطرفين وانتهت عند الآخر عرض للأوّل أن كان مبدأ وللآخر أن كان منتهى وهذان الوصفان متضادان فيصير الطرفان متضادين بسبب تضاد العارضين.
ويمكن انقلابهما فيصير المبدأ لحركة منتهى لغيرها وبالعكس.
واعلم أنّ كون الشيء مبدأ حركة والآخر منتهى حركة أمران يعرضان لغيرهما بالقياس إلى الغير ولا تأصّل لهما في الذاتية ، فللمبدإ ذات يعرض لها أن يكون مبدأ ، وكذا المنتهى ، فللمبدإ والمنتهى ذات وله (١) أنّه مبدأ أو منتهى. وهما متغايران بالضرورة لاستحالة كون الشيء عارضا لنفسه. فللسواد ماهية في نفسها ثمّ عرض له أن صار مبدأ للحركة من السواد إلى البياض.
وقد عرفت أنّ معروض وصف البداية والنهاية قد يكون موجودا (٢) ، وقد يكون بالقوة. وأيضا قد يكون متضادا (٣) وقد لا يكون. ولا شكّ في أنّ لكلّ واحد من العارضين نسبة إلى معروضه وإلى الآخر الذي يقابله ، فلمبدإ الحركة ومنتهاها من حيث هو مبدأ أو منتهى قياس إلى الحركة ولكلّ واحد (٤) منهما قياس إلى الآخر ، فقياس كلّ واحد منهما إلى الحركة قياس التضايف ، فانّ المبدأ مبدأ لذي
__________________
(١) كذا.
(٢) في النسخ : «موجودة».
(٣) في النسخ : «متضادة».
(٤) ساقطة في ج.