فذلك حقّ ، لأنّ عدم المركب يصحّ لعدم جزئه ، لكن الخصم لا يجعل المتحرك تلك الجملة حتى يضرّه عدم الجملة ، كما في الحركة الكيفية لا يجعل المتحرك في الكيف المجموع الحاصل من الجسم والكيف حتى لا يلزم المحال ، بل المتحرك محلّ تلك الصورة وحده ، كما أنّ المتحرك في الكيف محل الكيف وحده.
وإن عنى به أنّ عدم الصورة يوجب عدم المادة ، فليس كذلك ، فإنّ مواد العناصر عندهم باقية بعد عدم الصور الجسمية بالانفصال وعدم الصور النوعية بالكون والفساد ، ولو عدمت المادة لعدم الصورة كانت حادثة وكلّ حادث فله مادة عندهم ويتسلسل ، ومع هذا فإن لم يوجد هناك شيء محفوظ الذات باقيا مع تلك الأمور المتعاقبة كان الحادث غنيا عن المادة ، وهو محال عندهم. وإن وجد منها واحد محفوظ الذات لم يكن زوال الصور عن ذلك الشيء موجبا عدمه. (١)
ثمّ تعجب من الشيخ لمّا أورد على نفسه سؤالا في باب كيفية تعلّق الهيولى بالصورة (٢) وهو : أنّ الصورة النوعية زائلة فتعدم المادة بزوالها. وأجاب بأنّ الوحدة الشخصية للمادة مستحفظة بالوحدة النوعية للصورة لا بالوحدة الشخصية.
وإذا كان هذا قوله فبتقدير أن تقع الحركة في الصورة لا يلزم من تبدل تلك الصورة عدم المادة ، بل هي باقية بعد عدم الصورة. وحينئذ تبطل الحجّة. (٣)
الوجه الثالث : أورد الشيخ حجّة أخرى وبيّن ضعفها (٤)
وهي : أنّ الحركة إنّما تتحقق بين الضدّين لأنّها سلوك من ضدّ إلى ضد ،
__________________
(١) المباحث المشرقية ١ : ٧٠٨.
(٢) الفصل الرابع من المقالة الثانية من إلهيات الشفاء : ٨٦ ـ ٨٧.
(٣) المباحث المشرقية ١ : ٧٠٨.
(٤) راجع الفصل الثالث من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ١ : ٩٩.