معيّن تارة بالاستقامة وتارة بالاستدارة. والمنتقل في الكيف ينتقل من البياض إلى السواد تارة من الصفرة إلى الحمرة إلى القتمة ، وتارة من الفستقية ثمّ الخضر ثمّ النيلية ، وقد يكون من الغبرة إلى السواد. فعلم أنّ اتحاد المبدأ والمنتهى غير كاف في وحدة الحركة. وإذا اعتبرنا وحدة الموضوع والزمان والمسافة وجب اتحاد المبدأ والمنتهى.
وأورد منكروا الوحدة في الحركة (١) : أنّ كلّ حركة فانّها تنقسم إلى ماض ومستقبل لا غير والذي في الماضي مغاير للذي في المستقبل وهما معدومان ، فكيف يعقل الاتصال بين المعدومين؟ وأمّا الحاضر فليس حركة ولا الحركة مركبة منه ، لاستحالة تتالي الآنات عندهم وتركّب المقادير من الأجزاء التي لا تتجزأ سواء كانت قارّة أو لا. ولو فرض موجودا كيف يتصل المعدوم به ويتحد هو وإياه حتى تصير حركة؟
وأجيب : بأن الحركة بمعنى الكون في الوسط أمر موجود وهو أبدا بين الماضي والمستقبل باق في جميع الزمان.
واعترض عليه بأنّه يقتضي كون الحركة أمرا ثابتا مستقرا ، وذلك مكابرة.
وقيل : الحركة غير ثابتة فلا تكون واحدة.
وأجيب : بأنّ الوحدة التمامية أخصّ من الوحدة المطلقة ولا يلزم من نفي الخاص نفي العام. ولأنّ الحركة بمعنى التوسط غير منقسمة وهي محفوظة الذات ثابتة إلى أن يسكن الجسم ، وأمّا الحركة بمعنى القطع فإنّها تتم عند البلوغ إلى آخر المسافة ، لأنّ التام هو الذي ليس شيء منه خارجا فإذا كان كلّ ما له وكلّ شيء منه قد حصل فهو تام الوجود.
__________________
(١) راجع الرابع من رابعة الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ المباحث المشرقية ١ : ٧١٧.