واعترض بأنّ المحرك الثاني إمّا أن يكون له أثر أو لا ، فإن لم يكن له أثر لم يكن محركا. وإن كان فإمّا أن يكون الأثر الحركة التي وجدت وهو محال (١) ، أو حركة أخرى فيلزم من تغاير المحرك تغاير الحركة.
وفيه نظر ، فانّ التغاير لا ينافي الوحدة (٢) إذا اختلف الاعتبار ، والوحدة هاهنا بمعنى الاتصال (٣) وهو لا ينافي التغاير بين الأجزاء الفرضية كما في الأجسام المتصلة بالفعل إذا فرض لها قسمة بالوهم.
واعلم أنّ وحدة المبدأ غير كافية في وحدة الحركة فقد تتغاير الحركة مع وحدة المبدأ ، كما يتحرك جسمان من مبدأ معيّن إلى منتهى معيّن مع امتناع وحدة الحركة بالشخص ، فانّ العرض القائم بأحد الجسمين يمتنع أن يكون هو العرض القائم بالآخر بل قد تختلف الحركة بالنوع ، فانّ أحد الجسمين قد يتحرك من البياض إلى السواد والآخر من البياض إلى الإشفاف.
وكذا وحدة المنتهى لا تقتضي وحدة الحركة لا بالشخص كما قلنا من تغاير الحالّ عند تغاير المحلّ ولا بالنوع ، فانّ الوصول إلى المنتهى قد يكون دفعة من غير حركة وقد يكون على التدريج والمتدرج قد يكون واقعا على طرق مختلفة.
ووحدتهما معا أيضا غير كافية (٤) ، لأنّ السلوك من المبدأ إلى المنتهى يمكن بطرق كثيرة فانّ المتحرك الأيني قد يقصد الانتقال من نقطة معيّنة إلى منتهى
__________________
(١) وفي شرح المواقف هكذا : «فإن كان أثره عين أثر المحرك الأوّل لزم تحصيل الحاصل واجتماع مؤثرين على أثر واحد شخصي» ٦ : ٢٣٢. راجع أيضا شرح حكمة العين : ٤٤٣ (المبحث الخامس في تقسيم الحركة).
(٢) هكذا الجواب في المصدر نفسه.
(٣) كما صرّح به الشيخ في طبيعيات النجاة (فصل في الحركة الواحدة) حيث قال : «وتكون وحدة هذه الحركة الشخصية هي بوجود الاتصال فيها».
(٤) أي وحدة المبدأ والمنتهى غير كافية في وحدة الحركة.