أجزاء الحركة ، لأنّ الحركة عندهم مركّبة من أجزاء لا تتجزأ فإن لحق التالي السابق من الأجزاء من غير فصل فالحركة سريعة في الغاية ، وإن تخلل الأجزاء سكنات فالحركة بطيئة. ثمّ يختلف البطء بكثرة السكنات وقلتها وطول أزمنتها وقصرها.
وأمّا الأوائل فانّهم لمّا اعتقدوا أنّ الحركات متصلة اتصال المسافة غير مركبة من أجزاء لا تتجزأ بل هي واحدة من أوّل المسافة إلى آخرها لم يكن لها جزء بالفعل فلا تتصور السكنات بين أجزائها وإنّما سرعتها وبطؤها راجعان إلى شدّتها وضعفها ، فهما كيفيتان زائدتان على الحركة.
واستدلوا على ذلك بوجوه : (١)
الوجه الأوّل : لو كان بطء الحركات لتخلل السكنات لوجب أن لا بظهر للحس أشدّ الحركات فضلا عن أضعفها ، والتالي باطل بالضرورة ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّا نفرض فرسا شديد العدو بحيث يخطف البصر فإنّه أكثر ما يتحرك من أوّل النهار إلى آخره فإنّه فرسخ ، لكن في هذا الوقت تكون الشمس قد قطعت نصف الفلك ونصف الفلك أضعاف أضعاف ما به فرسخ ، فلو كان البطء لتخلل السكنات لزم أن تكون في حركات الفرس سكنات متخللة بينها بقدر فضل حركات الشمس على حركاته ، لكن فضل الحركات على الحركات أضعاف مضاعفة ، فالسكنات أضعاف أضعاف حركات الفرس فكان يجب أن لا نحس بحركات الفرس الذي لا شيء أسرع من حركته في الحس ، ولمّا كان ذلك باطلا فانّا لا نحس في حركات ذلك الفرس بشيء من السكنات ، عرفنا أنّ التفاوت بين الحركتين ليس لتخلّل السكنات ، وهو المطلوب.
وفيه نظر ، فإنّ بطء الحركات وسكونها أمر محسوس فالإشكال مشترك
__________________
(١) وفي شرح المواقف اعتراضات على بعض هذه الوجوه ، وفيها ما لا يخفى فراجع ٦ : ٢٥٢ ـ ٢٥٤.