لأنّا نقول : لو كان ذلك السكون واجبا لذاته لم يعدم ، ولامتناع كون وصف الممكن واجبا لذاته ، فبقى أن يكون ممكنا لذاته فله سبب.
ولأنّ كلّ سكون ففي زمان وكلّ زمان منقسم والذي يقع في نصف ذلك الزمان من السكون كاف في الفصل بين الحركتين فكلّ سكون يفرض حاصلا ففي أقلّ منه بلاغ فلا يكون وقوع ذلك القدر واجبا.
ولأنّ المقتضي لوجوب السكون لو كان هو الفصل لم يكن بعض أفراده التي لا تتناهى بحسب عدم تناهي قبول القسمة أولى من بعض ، وإذا لم يكن واجبا لم يوجد إذ كلّ موجود فهو واجب إمّا لذاته أو لغيره.
وقيل في جوابه : المتحرك جسم يختلف حاله باللطافة والكثافة وغير ذلك من الأسباب الخارجية وهي تكون أسبابا لمقادير السكنات وليس بجيد. (١)
والقدر الباقي من القوّة القسرية حال الاعتدال لا يعدم لذاته وإلّا لما وجد ، بل لا بدّ له من سبب وليس هناك سبب ضروري يوجب عدمه مثل أن يكون هناك دافع أو جاذب إلى أسفل ، والقوّة القسرية إنّما تضعف بمصاكات الهواء وإنّما تحصل المصاكات حال الحركة لا حال السكون ، وإذا انتفى السبب المبطل لتلك القوّة القسرية المعادلة للقوّة الطبيعية وجب أن يكون بقاؤها أكثريا فيكون وقوف الحجر في الجو أكثريا ، لكن رجوعه هو الدائم أو الأكثري ، هذا خلف.
والقوّة القسرية التي أفادها القاسر محال ، لأنّ تلك الإفادة اختيارية فلا تصدر إلّا عن علم ، لكن رامي الحجر لا يتصور سكونه فضلا عن القوّة الموجبة له وإنّما يتصوّر ويقصد إلى تحريكه إلى فوق. ولأنّ القوّة المسكنة حال ما تصير مسكنة يجب أن تستمر ، إلّا إذا وجد ما يعدمها وذلك المعدم ليس الطبيعة ، ولا
__________________
(١) قال الرازي بعد نقل هذا الجواب : «وليس هذا الجواب بمرض».