يكون باقيا إلى آخر الحركة أو لا يكون ، فإن كان غير باق فهو الذي يقال : إنّ المحرك يفعل حركة ثمّ تلك الحركة تولد حركة أخرى ، وهكذا إلى آخر المسافة. وإن كان باقيا فهو الذي يقال : إنّ القاسر أفاد الجسم قوّة بها يتحرك إلى جهة مخصوصة ، وتلك القوّة باقية إلى آخر الحركة لكنّها لا تزال تضعف بمصادمات الهواء المخروق إلى أن يصير في الضعف بحيث تغلبها الطبيعة (١) فحينئذ يتحرك الجسم إلى أسفل.
والثاني وهو أن يكون المحرّك خارجا عن المتحرك غير موجود فيه فلا محالة أنّه يكون جسما ، فإمّا أن يكون على سبيل أنّ جسما قدّامه يجذبه ، أو على سبيل أنّ جسما خلفه يدفعه. فهذه الأربعة هي المذاهب المشهورة :
الأوّل : قول من يقول : الهواء المتقدم ينعطف إلى الخلف فيدفع المرمي بقوة.
الثاني : قول من يقول : القاسر يدفع الهواء والمرمي معا ، لكن الهواء ألطف فيندفع أسرع فيجذب معه الجسم الموضوع فيه.
الثالث : قول من قال : المحرّك يفعل حركة وتلك الحركة تولد حركة أخرى ، وهلم جرّا.
الرابع : قول من قال : المحرك يفيد المتحرك قوّة محرّكة إلى جهة مخصوصة ، ثمّ إنّ تلك القوّة لا تزال تضعف لمصادمات الهواء المخروق إلى أن تصير مغلوبة (٢) للطبيعة فتستولي الطبيعة ويعود الجسم إلى حيزه الطبيعي.
والمذهبان الأوّلان (٣) باطلان ، لأنّ الحركة الجاذبة والدافعة إن لم تبقيا بعد
__________________
(١) ق : «الطبيعية».
(٢) في النسخ : «مغلوبا» ، أصلحناها طبقا للسياق.
(٣) وهما الدّفع والجذب.