الجاذبة فإن أسندنا حدوثها إلى القوّة السابقة عليها فليجز مثله في الحركة حتى تكون السابقة منها علّة للاحقة ، وحينئذ يستغنى عن إثبات هذه القوة. وإن أسندناها إلى قوّة أخرى فهي إن كانت بحيث يتطرق إليها الشدّة والضعف عاد الإشكال الأوّل.
وإن لم يتطرقا إليها ، فهذا هو القسم الثاني من القسمين المذكورين في أوّل الدلالة وهو باطل ، لأنّها إذا كانت باقية بحالها من غير تطرق ضعف ولا فتور إليها استحال عدمها ، ولو كان كذلك لوجب أن يصعد الحجر إلى سطح الفلك وهو محال. وأيضا القوّة ما دامت غالبة تقتضي الصعود ومتى لم تصير مغلوبة لا ينزل الحجر ، وبين الغالبية والمغلوبية لا بدّ من حالة متوسطة وهي المعادلة وذلك يقتضي وقوف الحجر. ثمّ حال الوقوف لا تكون مصاكات الهواء المخروق حاصلة فلا يكون سبب الضعف حاصلا فوجب أن لا تضعف تلك القوّة عن تلك الدرجة فوجب بقاء تلك المعادلة ، فوجب أن لا يرجع الحجر.
وأجيب عن الأوّل : بأنّ ذات القوة وإن بقيت كما كانت ، لكن الهواء عند التموج ربما تلبّد فصار بحيث لا ينخرق بالسهولة ، كالماء إذا حاولنا تفريق اتصاله سريعا فانّه ربما عسر ذلك ، وحينئذ يرجع الحجر.
وعن الثاني : بمنع وجوب حصول المعادلة.
وفيه نظر ، لجواز أن تكون الحركة الأولى علّة معدّة للحركة الثانية ، والفاعل لها هو المبدأ الفياض ، وتلبد الهواء لا سبب له ، ثمّ لا موجب لاختصاصه بذلك المكان الذي رجع منه الحجر. والعلم الضروري حاصل بحصول المعادلة بين المتفاعلين على التدريج.