مقارنا للّاحدوثه (١) ، وهو محال. وإن كان متميزا فلا يخلو إمّا أن كان ذلك التميز مترتبا (٢) على الحدوث ، وهو محال ؛ لأنّ صحّة حدوثه مترتبة على امتياز حين حدوثه عين حين لا حدوثه ، فلا يجوز أن يكون امتياز أحد الحينين عن الحين الآخر موقوفا على الحدوث ، وإلّا دار. فإذن الحينان متميزان بأنفسهما وما كان كذلك فهو أمر موجود. ولأنّه قابل للأقل والأكثر والأزيد والأنقص فهو كم متصل غير قارّ الذات وهو الزمان ، فإذن الزمان غير محدث حدوثا زمانيا.
الوجه الخامس : لو كان الزمان محدثا لأمكن فرض حركتين متفاوتتين تنتهي إحداهما إلى العالم بعشر دورات والأخرى بعشرين ، لأنّه لو امتنع فإمّا أن يكون الامتناع عائدا إلى المقدور لزم انتقال الشيء من الامتناع إلى الإمكان ، وإن كان عائدا إلى القادر لزم انتقاله من العجز إلى القدرة ، وهما محالان ، فهذا الفرض ممكن فإمّا أن يمكن أن تبتدئ (٣) الحركتان العظمى والصغرى وتنتهيا معا أو لا يمكن. والأوّل محال ، وإلّا انتفت الأعظمية. فإذن قبل حدوث العالم امتداد لا يمكن أن يحصل منه إلّا عشر دورات وامتداد آخر أزيد ، وذلك الامتداد أمر وجودي قابل للزيادة والنقصان فيكون مقدارا للحركة لما تقدم ، فيلزم من قدم هذه المعية (٤) قدم الحركة والجسم.
والجواب عن الأوّل : أنّه تمسك بالألفاظ والاصطلاحات ، ونحن بالحقيقة لا نسمّي العدم السابق قبلا بل نتوهم القبلية هناك مقدّرة ، كما أنّا نتوهم أنّ خارج العالم حيزا وإن كان وهما كاذبا.
__________________
(١) في المباحث : «للأحدوثة».
(٢) ق : «مرتبا».
(٣) في النسخ : «تنتهي» ، أصلحناها طبقا للمعنى.
(٤) في المباحث : «الهيئة».