موجود وإن لم يكن وجوده حاصلا في الماضي والمستقبل والآن.
والجواب أن نقول : الضرورة قاضية بأنّ كلّ موجود فإنّه لا ينفك وجوده عن أحد الأزمنة الثلاثة. والشيخ استعمل هذه المقدمة فقال لمّا بحث عن مفهوم قولنا : «الحركات الماضية غير متناهية» ، إن عني بذلك أنّ الحركات الماضية أمور موجودة موصوفة بوصف اللانهاية فذلك كاذب ، لأنّها لو كانت موجودة لكان وجودها إمّا في الماضي أو المستقبل أو الحال ، ولمّا لم يكن لذلك المجموع من حيث هو مجموع وجود في أحد هذه الأوقات الثلاثة فهو غير موجود أصلا. فإذا كان الشيخ يستنتج من نفي حصول الشيء في الماضي أو في المستقبل أو الحال نفي حصوله مطلقا ، فكيف زعم هنا أنّ الشيء قد يكون موجودا وإن لم يكن وجوده في أحد الأوقات الثلاثة؟
وكلّ من راجع نفسه علم أنّ الشيء الذي لا ثبوت له لا في الحال ولا في الماضي ولا في المستقبل ولا تمكن الإشارة إليه في وقت من الأوقات أنّه الآن قد حصل. فالحكم بثبوته مع ذلك محال ، فإنّه لا معنى للعدم إلّا ذلك. وكلّ واحد من الوجود في الماضي أو في الحال أو في المستقبل وإن كان أخص من مطلق الوجود إلّا أنّ العقل لمّا حصر مطلق الوجود في مجموع هذه الأقسام الثلاثة لزم من ارتفاعها ارتفاع مطلق الحصول. كما أنّ الواجب والممكن لمّا كان كل واحد منهما وإن كان أخص من مطلق الوجود إلّا أنّ العقل لمّا حصر مطلق الوجود فيهما لزم من ارتفاعهما ارتفاع الوجود ، فكذا هنا لمّا حصر العقل طبيعة في مواضع مخصوصة لزم من ارتفاع تلك المواضع بأسرها ارتفاع تلك الطبيعة ؛ لأنّ الكلي لا وجود له إلّا في جزئياته فإذا انتفت انتفى.
وقد عارض بعضهم بالحركة ، فإنّ الحس دالّ على وجودها ، مع أنّ التقسيم الذي ذكروه قائم بعينه وهو غلط.