عبارة عن السماء والأرض وما بينهما (١) ، وعلى كلا التفسيرين فانّه قد اشتمل على كثرة بالضرورة ، ولا شيء من واجب الوجود بمشتمل على كثرة ، وإلّا لكانت متشاركة في الوجوب ومتباينة بخصوصياتها وما به الاشتراك غير ما به الامتياز ، فوجوب كلّ واحد منها مغاير لنفسه (٢) ، فإمّا أن تكون بين وجوبه وتعينه ملازمة أو لا ، فإن كان التعين مقتضيا للوجوب كان الوجوب معلولا ، فيكون ممكنا ، إنّما يوجد عند صيرورته واجبا بعلته ، فإذا كانت علّته واجبة ، فلو كان وجوب تلك الأشياء معلولا لتلك التعينات لكانت تلك التعينات واجبة قبل كونها واجبة ، ويتسلسل ، أو يكون الوجوب مقتضيا للتعين ، فكلّ واجب فهو ذلك المتعين فما ليس بذلك المتعين لا يكون واجبا ، فلا يتعدد الواجب. وإن لم تكن بينهما (٣) ملازمة لم يمكن اجتماعهما إلّا لعلّة مغايرة ، فكلّ واحد من تلك الأشياء متعلقة بآخر فيكون ممكنا ، فكلّ واحد منها ممكن. فالأمور الكثيرة لا تكون واجبة ، والعالم ليس بواجب لذاته ، فهو ممكن.
الوجه الثاني : وجود العالم زائد على ماهيته ، فهو ممكن.
أمّا الصغرى ، فلانفكاكهما في التصور. ولاشتراكها في الوجود وتباينتها بالماهية ، فتغايرا.
أمّا الاشتراك في الوجود :
__________________
(١) واختلفوا في التفسير الثاني ، فقال بعض : يراد به جملة ما يعقل وما لا يعقل في السماوات والأرض وما بينهما. وقال بعض آخر : يراد به ما يعقل خاصة ، فالعالمون هم الملائكة والجن والإنس ، واحدهم عالم.
وقد يطلق لفظ العالم بالمعنى العام على جميع ما هو موجود في الزمان والمكان ، أو على كلّ ما وجوده ليس بذاته من حيث هو كل. راجع الشرفي ، شرح الأساس الكبير ١ : ٢٨١ ؛ صليبا ، تاريخ الفلسفة العربية : ٢٢٩ (مسألة قدم العالم).
(٢) نهاية العقول : «لتعينه».
(٣) أي بين الوجوب والتعين.