(أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) [الأنعام : ١٤٥] قاله ابن عباس وسعيد بن جبير.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا كثير بن شهاب المذحجي ، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق ، حدثنا عمرو يعني ابن قيس عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه سئل عن الطحال فقال : كلوه ، فقالوا : إنه دم ، فقال : إنما حرم عليكم الدم المسفوح ، وكذا رواه حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : إنما نهى عن الدم السافح ، وقد قال أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي : حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ، عن ابن عمر مرفوعا ، قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أحل لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان. فالسمك والجراد ، وأما الدمان فالكبد والطحال» ، وكذا رواه أحمد بن حنبل (١) وابن ماجة والدار قطني والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهو ضعيف ، قال الحافظ البيهقي : ورواه إسماعيل بن أبي إدريس عن أسامة ، وعبد الله وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعا ، قلت : وثلاثتهم كلهم ضعفاء ، ولكن بعضهم أصلح من بعض ، وقد رواه سليمان بن بلال أحد الأثبات عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر فوقفه بعضهم عليه ، قال الحافظ أبو زرعة الرازي : وهو أصح.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسن ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا بشير بن شريح عن أبي غالب ، عن أبي أمامة وهو صدي بن عجلان ، قال : بعثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى قومي أدعوهم إلى الله ورسوله ، وأعرض عليهم شرائع الإسلام ، فأتيتهم فبينما نحن كذلك ، إذ جاءوا بقصعة من دم فاجتمعوا عليها يأكلونها فقالوا : هلم يا صدي فكل ، قال : قلت : ويحكم إنما أتيتكم من عند من يحرم هذا عليكم فأقبلوا عليه ، قالوا : وما ذاك؟ فتلوت عليهم هذه الآية (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) الآية ، ورواه الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث ابن أبي الشوارب بإسناده مثله ، وزاد بعد هذا السياق قال : فجعلت أدعوهم إلى الإسلام ويأبون عليّ ، فقلت : ويحكم اسقوني شربة من ماء ، فإني شديد العطش ، قال : وعليّ عباءتي ، فقالوا : لا ، ولكن ندعك حتى تموت عطشا ، قال : فاغتممت وضربت برأسي في العباء ، ونمت على الرمضاء في حر شديد ، قال : فأتاني آت في منامي بقدح من زجاج لم ير الناس أحسن منه ، وفيه شراب لم ير الناس ألذ منه ، فأمكنني منه فشربته ، فلما فرغت من شرابي استيقظت فلا والله ما عطشت ، ولا عريت بعد تيك الشربة. ورواه الحاكم في مستدركه عن علي بن حماد ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني عبد الله بن سلمة بن عياش العامري ، حدثنا صدقة بن هرم عن أبي غالب ، عن أبي أمامة وذكر نحوه ، وزاد بعد قوله : بعد تيك الشربة ، فسمعتهم يقولون : أتاكم رجل من سراة قومكم فلم تمجعوه بمذقة (٢) ، فأتوني بمذقة فقلت : لا حاجة لي فيها ، إن الله أطعمني وسقاني ، وأريتهم بطني ، فأسلموا عن آخرهم ، وما أحسن ما أنشد الأعشى في قصيدته التي
__________________
(١) مسند أحمد ٢ / ٩٧.
(٢) مجع مجعا : أكل التمر باللبن معا ، أو أن يأكل التمر ويشرب عليه اللبن. والمذقة : الشربة من اللبن.