ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها والتقرب بها ، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها ، كما ذكره الله تعالى في سورة الأنعام عند قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً) [الأنعام : ١٣٦] إلى آخر الآيات في ذلك.
فأما البحيرة ، فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما : هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن ، نظروا إلى الخامس ، فإن كان ذكرا ذبحوه ، فأكله الرجال دون النساء ، وإن كان أنثى جدعوا آذانها ، فقالوا : هذه بحيرة. وذكر السدي وغيره قريبا من هذا ، وأما السائبة فقال مجاهد هي من الغنم نحو ما فسر من البحيرة إلا أنها ما ولدت من ولد كان بينها وبينه ستة أولاد ، كانت على هيئتها ، فإذا ولدت السابع ذكرا أو ذكرين ذبحوه ، فأكله رجالهم دون نسائهم وقال محمد بن إسحاق. السائبة هي الناقة إذا ولدت عشر إناث من الولد ليس بينهن ذكر ، سيبت فلم تركب ولم يجز وبرها ولم يحلب لبنها إلا الضيف. وقال أبو روق : السائبة كان الرجل إذا خرج فقضيت حاجته ، سيب من ماله ناقة أو غيرها ، فجعلها للطواغيت ، فما ولدت من شيء كان لها. وقال السدي : كان الرجل منهم إذا قضيت حاجته ، أو عوفي من مرض ، أو كثر ماله ، سيب شيئا من ماله للأوثان ، فمن عرض له من الناس عوقب بعقوبة في الدنيا.
وأما الوصيلة ، فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : هي الشاة إذا نتجت سبعة أبطن ، نظروا إلى السابع ، فإن كان ذكرا أو أنثى وهو ميت اشترك فيه الرجال دون النساء ، وإن كان أنثى استحيوها ، وإن كان ذكرا وأنثى في بطن واحد استحيوهما وقالوا : وصلته أخته فحرمته علينا ، رواه ابن أبي حاتم. وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب (وَلا وَصِيلَةٍ) ، قال : فالوصيلة من الإبل كانت الناقة تبتكر بالأنثى ، ثم ثنت بأنثى فسموها الوصيلة ، ويقولون : وصلت أنثيين ليس بينهما ذكر ، فكانوا يجدعونها لطواغيتهم ، وكذا روي عن الإمام مالك بن أنس رحمهالله تعالى. وقال محمد بن إسحاق : الوصيلة من الغنم إذا ولدت عشر إناث في خمسة أبطن ، توأمين توأمين في كل بطن سميت الوصيلة وتركت ، فما ولدت بعد ذلك من ذكر أو أنثى جعلت للذكور دون الإناث ، وإن كانت ميتة اشتركوا فيها.
وأما الحامي : فقال العوفي عن ابن عباس ، قال : كان الرجل إذا لقح فحله عشرا قيل : حام فاتركوه ، وكذا قال أبو روق وقتادة. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : وأما الحام فالفحل من الإبل إذا ولد لولده قالوا : حمى هذا ظهره ، فلا يحملون عليه شيئا ولا يجزون له وبرا ، ولا يمنعونه من حمى رعي ، ومن حوض يشرب منه ، وإن كان الحوض لغير صاحبه. وقال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : أما الحام فمن الإبل ، كان يضرب في الإبل فإذا انقضى ضرابه جعلوا عليه ريش الطواويس وسيبوه ، وقد قيل غير ذلك في تفسير هذه الآية.
وقد ورد في ذلك حديث رواه ابن أبي حاتم من طريق أبي إسحاق السبيعي ، عن أبي الأحوص الجشمي ، عن أبيه مالك بن نضلة ، قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم في خلقان من الثياب ، فقال