الخبر ، ودفعت إليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها ، فوثبوا عليه ، فأمرهم النبي أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف ، فنزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) إلى قوله (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم ، فحلفا ، فنزعت الخمسمائة من عدي بن بدّاء ، وهكذا رواه أبو عيسى الترمذي وابن جرير (١) ، كلاهما عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني ، عن محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق به ، فذكره ، وعنده : فأتوا به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسألهم البينة ، فلم يجدوا ، فأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف ، فأنزل الله هذه الآية إلى قوله (أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا ، فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء ، ثم قال : هذا حديث غريب ، وليس إسناده بصحيح ، وأبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق هذا الحديث ، هو عندي محمد بن السائب الكلبي ، يكنى أبا النضر ، وقد تركه أهل العلم بالحديث ، وهو صاحب التفسير ، سمعت محمد بن إسماعيل يقول : محمد بن السائب الكلبي يكنى أبا النضر ، ثم قال : ولا نعرف لأبي النضر رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ.
وقد روي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه ، حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا يحيى بن آدم عن ابن أبي زائدة ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء ، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم ، فلما قدما بتركته ، فقدوا جاما من فضة مخوّصا بالذهب ، فأحلفهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ووجد الجام بمكة ، فقيل : اشتريناه من تميم وعدي ، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ، وأن الجام لصاحبهم ، وفيهم نزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) الآية (٢) ، وكذا رواه أبو داود (٣) عن الحسن بن علي عن يحيى بن آدم به ، ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، وهو حديث ابن أبي زائدة ، ومحمد بن أبي القاسم كوفي ، قيل : إنه صالح الحديث.
وقد ذكر هذه القصة مرسلة غير واحد من التابعين منهم عكرمة ومحمد بن سيرين وقتادة ، وذكروا أن التحليف كان بعد صلاة العصر ، رواه ابن جرير ، وكذا ذكرها مرسلة مجاهد والحسن والضحاك ، وهذا يدل على اشتهارها في السلف وصحتها ، ومن الشواهد لصحة هذه القصة أيضا ما رواه أبو جعفر بن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم قال : أخبرنا زكريا عن الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا هذه ، قال : فحضرته الوفاة ولم يجد أحدا
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ١١٦.
(٢) رواه الطبري في تفسيره ٥ / ١١٥ ـ ١١٦.
(٣) سنن أبي داود (أقضية باب ١٩)