خالقهما ومالكهما ، والمدبر لهما ولمن فيهما ، وقوله (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ) يعني يوم القيامة ، الذي يقول الله كن فيكون ، عن أمره كلمح البصر ، أو هو أقرب ، ويوم منصوب إما على العطف على قوله واتقوه ، وتقديره واتقوا يوم يقول كن فيكون ، وإما على قوله (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي وخلق يوم يقول كن فيكون فذكر بدء الخلق وإعادته وهذا مناسب وإما على إضمار فعل تقديره واذكر يوم يقول كن فيكون.
وقوله (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ) جملتان محلهما الجر على أنهما صفتان لرب العالمين ، وقوله (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) يحتمل أن يكون بدلا من قوله ويوم يقول كن فيكون يوم ينفخ في الصور ويحتمل أن يكون ظرفا لقوله (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) كقوله (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر : ١٦] كقوله (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً) [الفرقان : ٢٦] وما أشبه ذلك.
واختلف المفسرون في قوله (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) فقال بعضهم : المراد بالصور هنا ، جمع صورة ، أي يوم ينفخ فيها فتحيا. قال ابن جرير : كما يقال : سور لسور البلد ، وهو جمع سورة ، والصحيح أن المراد بالصور القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليهالسلام ، قال ابن جرير : والصواب عندنا ما تظاهرت به الأخبار ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال «إن إسرافيل قد التقم الصور ، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ» (١).
وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا إسماعيل (٣) ، حدثنا سليمان التيمي ، عن أسلم العجلي ، عن بشر بن شغاف ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال أعرابي يا رسول الله ما الصور؟ قال «قرن ينفخ فيه».
وقد روينا حديث الصور بطوله من طريق الحافظ أبي القاسم الطبراني ، في كتابه «الطوالات» ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن المصري الأيلي ، حدثنا أبو عاصم النبيل ، حدثنا إسماعيل بن رافع ، عن محمد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : حدثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في طائفة من أصحابه ، فقال «إن الله لما فرغ من خلق السموات والأرض ، خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه ، شاخصا بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر» قلت : يا رسول الله وما الصور؟ قال : «القرن» قلت : كيف هو؟ قال : «عظيم والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه كعرض السموات والأرض ، ينفخ فيه ثلاث نفخات: النفخة الأولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق ، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين ،
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ٢٣٧.
(٢) مسند أحمد ٢ / ١٩٢.
(٣) في المسند «حدثنا يحيى بن سعيد».