وقال ابن جرير (١) أيضا : حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي عن حميد ، عن أنس ، قال : توضأ عمر بن الخطاب وضوءا فيه تجوز خفيفا ، فقال : هذا وضوء من لم يحدث ، وهذا إسناد صحيح. وقال محمد بن سيرين : كان الخلفاء يتوضؤون لكل صلاة ، وأما ما رواه أبو داود الطيالسي عن أبي هلال ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : الوضوء من غير حدث اعتداء ، فهو غريب عن سعيد بن المسيب ، ثم هو محمول على أن من اعتقد وجوبه فهو معتد ، وأما مشروعيته استحبابا فقد دلت السنة على ذلك. وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان عن عمرو بن عامر الأنصاري ، سمعت أنس بن مالك يقول : كان النبيصلىاللهعليهوسلم يتوضأ عند كل صلاة ، قال : قلت : فأنتم كيف كنتم تصنعون؟ قال : كنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم نحدث ، وقد رواه البخاري وأهل السنن من غير وجه عن عمرو بن عامر به.
وقال ابن جرير (٣) : حدثنا أبو سعيد البغدادي ، حدثنا إسحاق بن منصور عن هريم ، عن عبد الرحمن بن زياد ، هو الأفريقي ، عن أبي غطيف ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «من توضأ على طهر ، كتب له عشر حسنات» ورواه أيضا من حديث عيسى بن يونس عن الأفريقي ، عن أبي غطيف ، عن ابن عمر ، فذكره ، وفيه قصة. وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة ، من حديث الأفريقي به نحوه. وقال الترمذي : وهو إسناد ضعيف.
وقال ابن جرير (٤) : وقد قال قوم : إن هذه الآية نزلت إعلاما من الله أن الوضوء لا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة دون غيرها من الأعمال ، وذلك لأنه عليهالسلام كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلها حتى يتوضأ. حدثنا أبو كريب ، حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان ، عن جابر ، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم ، عن عبد الله بن علقمة بن وقاص ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أراق البول» نكلمه فلا يكلمنا ، ونسلم عليه فلا يرد علينا ، حتى نزلت آية الرخصة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) الآية ، ورواه ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم عن أبي كريب به نحوه ، وهو حديث غريب جدا ، وجابر هذا هو ابن زيد الجعفي ضعفوه.
وقال أبو داود (٥) : حدثنا مسدد ، حدثنا إسماعيل ، حدثنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج من الخلاء فقدم إليه طعام ، فقالوا : ألا نأتيك
__________________
(١) تفسير الطبري ٤ / ٤٥٣.
(٢) مسند أحمد ٣ / ١٣٢.
(٣) تفسير الطبري ٤ / ٤٥٥.
(٤) المصدر السابق.
(٥) سنن أبي داود (أطعمة باب ١١)