بوضوء؟ فقال «إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة» وكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع ، والنسائي عن زياد بن أيوب عن إسماعيل وهو ابن علية به. وقال الترمذي : هذا حديث حسن.
وروى مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن الحويرث ، عن ابن عباس قال : كنا عند النبي صلىاللهعليهوسلم فأتى الخلاء ثم إنه رجع فأتي بطعام ، فقيل : يا رسول الله ألا تتوضأ؟ فقال «لم؟ أأصلي فأتوضأ».
وقوله (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) قد استدل طائفة من العلماء بقوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) على وجوب النية في الوضوء ، لأن تقدير الكلام (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) لها كما تقول العرب : إذا رأيت الأمير فقم ، أي له. وقد ثبت في الصحيحين حديث «الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» (١) ، ويستحب قبل غسل الوجه أن يذكر اسم الله تعالى على وضوئه ، لما ورد في الحديث من طرق جيدة عن جماعة من الصحابة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» (٢) ، ويستحب أن يغسل كفيه قبل إدخالهما في الإناء ويتأكد ذلك عند القيام من النوم ، لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثا ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» (٣).
وحد الوجه عند الفقهاء ما بين منابت شعر الرأس ، ولا اعتبار بالصلع ولا بالغمم (٤) إلى منتهى اللحيين والذقن طولا ، ومن الأذن إلى الأذن عرضا وفي النزعتين والتحذيف (٥) خلاف : هل هما من الرأس أو الوجه؟ وفي المسترسل من اللحية عن محل الفرض قولان [أحدهما] أنه يجب إفاضة الماء عليه لأنه تقع به المواجهة.
وروي في حديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى رجلا مغطيا لحيته فقال «اكشفها فإن اللحية من الوجه» وقال مجاهد : هي من الوجه ، ألا تسمع إلى قول العرب في الغلام إذا نبتت لحيته : طلع وجهه ، ويستحب للمتوضئ أن يخلل لحيته إذا كانت كثيفة. وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا إسرائيل عن عامر بن حمزة ، عن شقيق قال : رأيت عثمان يتوضأ ، فذكر الحديث ، قال : وخلل اللحية ثلاثا حين غسل وجهه ، ثم قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعل الذي
__________________
(١) صحيح البخاري (بدء الوحي باب ١ وإيمان باب ٤١) وصحيح مسلم (إمارة حديث ١٥٥)
(٢) سنن أبي داود (طهارة باب ٤٨) ومسند أحمد ٢ / ٤١٨ ، جميعا عن أبي هريرة.
(٣) صحيح البخاري (وضوء باب ٢٦) وموطأ مالك (طهارة حديث ٩) ومسند أحمد ٢ / ٤٦٥.
(٤) الغمم : أن يسيل الشعر من الرأس في الوجه والقفا ، فتضيق الجبهة ويصغر القفا. والأنزع : الذي انحر الشعر على جانبي ناصيتيه.
(٥) التحذيف من الرأس : ما تنحّي النساء الشعر عنه ، ويقع في جانب الوجه.