رأيتموني فعلت ، رواه الترمذي وابن ماجة من حديث عبد الرزاق ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وحسنه البخاري.
وقال أبو داود (١) : حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا أبو المليح ، حدثنا الوليد بن زوران ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا توضأ ، أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه يخلل به لحيته ، وقال «هكذا أمرني به ربي عزوجل» تفرد به أبو داود.
وقد روي هذا من غير وجه عن أنس ، قال البيهقي : وروينا في تخليل اللحية عن عمار وعائشة وأم سلمة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم عن علي وغيره ، وروينا في الرخصة في تركه عن ابن عمر والحسن بن علي ، ثم عن النخعي وجماعة من التابعين.
وقد ثبت عن النبي صلىاللهعليهوسلم من غير وجه في الصحاح وغيرها أنه كان إذا توضأ تمضمض واستنشق ، فاختلف الأئمة في ذلك هل هما واجبان في الوضوء والغسل كما هو مذهب أحمد بن حنبل رحمهالله ، أو مستحبان فيهما كما هو مذهب الشافعي ومالك ، لما ثبت في الحديث الذي رواه أهل السنن ، وصححه ابن خزيمة عن رفاعة بن رافع الزرقي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال للمسيء صلاته «توضأ كما أمرك الله» ، أو يجبان في الغسل دون الوضوء كما هو مذهب أبي حنيفة ، أو يجب الاستنشاق دون المضمضة كما هو رواية عن الإمام أحمد ، لما ثبت في الصحيحين أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال «من توضأ فليستنشق» ، وفي رواية «إذا توضأ أحدكم فليجعل في منخريه من الماء ثم لينتثر» (٢) والانتثار هو المبالغة في الاستنشاق.
وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا أبو سلمة الخزاعي ، حدثنا سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس أنه توضأ فغسل وجهه ، أخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنثر ، ثم أخذ غرفة فجعل بها هكذا ، يعني أضافها إلى يده الأخرى ، فغسل بها وجهه ، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى ، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى ، ثم مسح رأسه ، ثم أخذ غرفة من ماء ثم رش على رجله اليمنى حتى غسلها ، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها رجله اليسرى ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعني يتوضأ. ورواه البخاري عن محمد بن عبد الرحيم عن أبي سلمة منصور بن سلمة الخزاعي به.
وقوله (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) أي مع المرافق كما قال تعالى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) [النساء : ٢] وقد روى الحافظ الدار قطني وأبو بكر البيهقي من
__________________
(١) سنن أبي داود (طهارة باب ٥٧)
(٢) صحيح البخاري (وضوء باب ٢٦) أما الحديث الذي قبل هذا فقد وجدناه في صحيح البخاري (صوم باب ٢٨) وصحيح مسلم (طهارة حديث ٢١) بلفظ : «إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء».
(٣) مسند أحمد ١ / ٢٦٨.