ولا زيادة ولا نقصان ، كقوله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) [آل عمران : ٦٢]. وقوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) [الكهف : ١٣] وقال (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِ) [مريم : ٣٤] ، وكان من خبرهما فيما ذكره غير واحد من السلف والخلف ، أن الله تعالى : شرع لآدم عليهالسلام ، أن يزوج بناته من بنيه لضرورة الحال ، ولكن قالوا : كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى ، فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر ، وكانت أخت هابيل دميمة وأخت قابيل وضيئة ، فأراد أن يستأثر بها على أخيه ، فأبى آدم ذلك ، إلا أن يقربا قربانا ، فمن تقبل منه فهي له ، فتقبّل من هابيل ولم يتقبل من قابيل ، فكان من أمرهما ما قصه الله في كتابه.
ذكر أقوال المفسرين هاهنا
قال السدي فيما ذكر عن أبي مالك ، وعن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم : أنه كان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية ، فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ، ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر ، حتى ولد له ابنان يقال لهما : هابيل وقابيل وكان قابيل صاحب زرع ، وكان هابيل صاحب ضرع ، وكان قابيل أكبرهما ، وكان له أخت أحسن من أخت هابيل ، وأن هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل ، فأبى عليه ، وقال هي أختي ولدت معي ، وهي أحسن من أختك وأنا أحق أن أتزوج بها ، فأمره أبوه أن يزوجها هابيل فأبى ، وأنهما قربا قربانا إلى الله عزوجل أيهما أحق بالجارية ، وكان آدم عليهالسلام قد غاب عنهما ، أتى مكة ينظر إليها ، قال الله عزوجل : هل تعلم أن لي بيتا في الأرض؟ قال : اللهم لا. قال : إن لي بيتا في مكة ، فأته ، فقال آدم للسماء : احفظي ولدي بالأمانة فأبت ، وقال للأرض فأبت ، وقال للجبال فأبت ، فقال لقابيل ، فقال : نعم ، تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك ، فلما انطلق آدم قربا قربانا ، وكان قابيل يفخر عليه ، فقال : أنا أحق بها منك هي أختي وأنا أكبر منك وأنا وصي والدي ، فلما قربا قرب هابيل جذعة سمينة وقرب قابيل حزمة سنبل فوجد فيها سنبلة عظيمة ، ففركها وأكلها فنزلت النار ، فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل ، فغضب وقال : لأقتلنك حتى لا تنكح أختي ، فقال هابيل إنما يتقبل الله من المتقين ، رواه ابن جرير (١).
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني ابن خيثم قال : أقبلت مع سعيد بن جبير ، فحدثني عن ابن عباس ، قال : نهي أن تنكح المرأة أخاها توأمها وأمر أن ينكحها غيره من إخوتها ، وكان يولد له في كل بطن رجل وامرأة ،
__________________
(١) تفسير الطبري ٤ / ٥٢٩.