فبينما هم كذلك إذ ولد له امرأة وضيئة وولد له أخرى قبيحة دميمة ، فقال أخو الدميمة : أنكحني أختك وأنكحك أختي ، فقال لا ، أنا أحق بأختي ، فقربا قربانا فتقبل من صاحب الكبش ولم يتقبل من صاحب الزرع ، فقتله ، إسناد جيد ، وحدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خيثم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قوله (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) فقربا قربانهما ، فجاء صاحب الغنم بكبش أعين أقرن أبيض ، وصاحب الحرث بصبرة من طعامه ، فقبل الله الكبش فخزنة في الجنة أربعين خريفا ، وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيمعليهالسلام ، إسناد جيد.
وقال ابن جرير (١) : حدثنا ابن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا عوف عن أبي المغيرة عن عبد الله بن عمرو ، قال : إن ابني آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ، كان أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم ، وإنهما أمرا أن يقربا قربانا ، وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه ، وإن صاحب الحرث قرب أشر حرثه الكودن والزوان ، غير طيبة بها نفسه ، وإن الله عزوجل ، تقبل قربان صاحب الغنم ، ولم يتقبل قربان صاحب الحرث ، وكان من قصتهما ما قص الله في كتابه ، قال : وأيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن يبسط يده إلى أخيه.
وقال إسماعيل بن رافع المدني القاص : بلغني أن ابني آدم لما أمرا بالقربان ، كان أحدهما صاحب غنم وكان أنتج له حمل في غنمه ، فأحبه حتى كان يؤثره بالليل ، وكان يحمله على ظهره من حبه ، حتى لم يكن له مال أحب إليه منه ، فلما أمر بالقربان قربه لله عزوجل فقبله الله منه ، فما زال يرتع في الجنة حتى فدي به ابن إبراهيم عليهالسلام ، رواه ابن جرير (٢).
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الأنصاري ، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن ، حدثنا محمد بن علي بن الحسين ، قال : قال آدم عليهالسلام لهابيل وقابيل : إن ربي عهد إلي أنه كائن من ذريتي من يقرب القربان ، فقربا قربانا حتى تقر عيني ، إذا تقبل قربانكما فقربا وكان هابيل صاحب غنم فقرب أكولة غنم خير ماله ، وكان قابيل صاحب زرع ، فقرب مشاقة من زرعه ، فانطلق آدم معهما ، ومعهما قربانهما ، فصعدا الجبل ، فوضعا قربانهما ثم جلسوا ثلاثتهم آدم وهما ينظران إلى القربان ، فبعث الله نارا حتى إذا كانت فوقهما دنا منها عنق ، فاحتمل قربان هابيل ، وترك قربان قابيل ، فانصرفوا ، وعلم آدم أن قابيل مسخوط عليه ، فقال : ويلك يا قابيل رد عليك قربانك ، فقال قابيل أحببته فصليت على قربانه ودعوت له فتقبل قربانه ورد علي قرباني ، فقال قابيل لهابيل لأقتلنك وأستريح منك ، دعا لك أبوك فصلى على قربانك فتقبل
__________________
(١) تفسير الطبري ٤ / ٥٢٧.
(٢) المصدر السابق.