والليث بن سعد والأوزاعي والشافعي وأصحابه ، وإسحاق بن راهويه في رواية عنه ، وأبو ثور وداود بن علي الظاهري ، رحمهمالله.
وذهب الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه في رواية عنه ، إلى أن كل واحد من ربع الدينار والثلاثة دراهم مرد شرعي ، فمن سرق واحدا منهما أو ما يساويه ، قطع عملا بحديث ابن عمر وبحديث عائشة رضي الله عنها ، ووقع في لفظ عند الإمام أحمد عن عائشة أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال «اقطعوا في ربع دينار ، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك» (١) وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم ، والدينار اثني عشر درهما. وفي لفظ للنسائي «لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المجن». قيل لعائشة : ما ثمن المجن؟ قالت : ربع دينار ، فهذه كلها نصوص دالة على عدم اشتراط عشرة دراهم ، والله أعلم.
وأما الإمام أبو حنيفة وأصحابه أبو يوسف ومحمد وزفر ، وكذا سفيان الثوري ، رحمهمالله ، فإنهم ذهبوا إلى أن النصاب عشرة دراهم مضروبة غير مغشوشة ، واحتجوا بأن ثمن المجن الذي قطع فيه السارق على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان ثمنه عشرة دراهم. وقد روى أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا ابن نمير وعبد الأعلى ، حدثنا محمد بن إسحاق عن أيوب بن موسى ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : كان ثمن المجن على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم عشرة دراهم ، ثم قال : حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «لا تقطع يد السارق في دون ثمن المجن» وكان ثمن المجن عشرة دراهم ، قالوا : فهذا ابن عباس وعبد الله بن عمرو قد خالفا ابن عمر في ثمن المجن ، فالاحتياط الأخذ بالأكثر ، لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
وذهب بعض السلف إلى أنه تقطع يد السارق في عشرة دراهم أو دينار أو ما يبلغ قيمته واحدا منهما ، يحكى هذا عن علي وابن مسعود وإبراهيم النخعي وأبي جعفر الباقر رحمهمالله تعالى. وقال بعض السلف : لا تقطع الخمس إلا في خمس ، أي في خمسة دنانير أو خمسين درهما ، وينقل هذا عن سعيد بن جبير رحمهالله. وقد أجاب الجمهور عما تمسك به الظاهرية من حديث أبي هريرة «يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده» بأجوبة [أحدها] أنه منسوخ بحديث عائشة ، وفي هذا نظر ، لأنه لا بد من بيان التاريخ. [والثاني] أنه مؤول ببيضة الحديد وحبل السفن ، قاله الأعمش فيما حكاه البخاري وغيره عنه. [والثالث] أن هذه وسيلة إلى التدرج في السرقة من القليل إلى الكثير الذي تقطع فيه يده ، ويحتمل أن يكون هذا خرج مخرج الإخبار عما كان الأمر عليه في الجاهلية حيث كانوا يقطعون في القليل والكثير ، فلعن السارق الذي يبذل يده الثمينة في الأشياء المهينة ، وقد ذكروا أن أبا العلاء المعري لما قدم
__________________
(١) مسند أحمد ٦ / ٨٠.