وقد كان ابن وصيف قال : يا أمير المؤمنين ليس للجند عطاء ، وليس في بيت المال مال. وقد استولى هؤلاء على أموال الدّنيا. فقال له أحمد بن إسرائيل : يا عاصي يا ابن العاصي. وتراجعا الكلام والخصام ، حتّى احتدّ ابن وصيف ، وغشي عليه وأصحابه بالباب ، فبلغهم. فصاحوا وسلّوا سيوفهم وهجموا. فقام المعتزّ ودخل إلى عند نسائه فأخذ ابن وصيف أحمد والجماعة.
قال : فقال له المعتزّ : هب لي أحمد ، فقد ربّاني. فلم يفعل ، وضربهم بداره حتّى تكسّرت أسنان أحمد ، وأخذ خطوطهم بمال جليل وقيّدهم (١).
[ظهور عيسى وعليّ العلويّين]
وفيها ظهر عيسى بن جعفر ، وعليّ بن زيد العلويّان الحسنيّان ، فقتلا عبد الله بن محمد بن داود الهاشميّ الأمير (٢).
[خلع المعتزّ وقتله]
وفي رجب خلع المعتزّ بالله من الخلافة ، ثمّ قتل (٣). فاختفت أمّه قبيحة ، ثمّ ظهرت في رمضان ، وأعطت صالح بن وصيف مالا عظيما. ثمّ نفاها بعد ما استصفاها إلى مكّة ، فحبست بها. وظهر لها من الذّهب ألف ألف وثلاثمائة ألف دينار ، وسفط فيه مكّوك زمرّد ، وسفط فيه مكّوك لؤلؤ ، فيه حبّ كبار عديم المثل ، وكيلجة (٤) ياقوت أحمر ، وغيره.
فقوّمت الأسفاط بألفي ألف دينار ، وحمل الجميع إلى ابن وصيف. فلمّا رآه قال : قبّحها الله ، عرّضت ابنها للقتل لأجل خمسين ألف دينار وعندها هذا.
فأخذ الكلّ ونفاها (٥).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٩ / ٣٨٧.
(٢) تاريخ الطبري ٩ / ٣٨٨ ، لا مروج الذهب ٤ / ١٨٠ ، البداية والنهاية ١١ / ١٦.
(٣) انظر أقوالا عدّة في كيفية مقتل المعتزّ ، في : مروج الذهب ٤ / ١٨٣ ، ١٨٤.
(٤) الكيلجة : مكيال للوزن.
(٥) تاريخ الطبري ٩ / ٣٨٩ ، ٣٩٠ و ٣٩٣ ـ ٣٩٥ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٣١ ، الكامل في التاريخ ٧ / ١٩٥ و ١٩٩ ، ٢٠٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٤٥ ، ٤٦ ، تاريخ مختصر الدول ١٤٧ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٣٢١ ، البداية والنهاية ١١ / ١٧ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢٩٧ ، تاريخ الخلفاء ٣٦٠.