اتّق الله ، ويحك ما تريد؟
قال له : والله ما نريد إلّا خيرا. وحلف له : لا نالك سوء. ثم حلّفوه أن لا يمالئ صالح بن وصيف ، فحلف لهم. فبايعوه حينئذ.
ثمّ طلبوا صالحا لكي يناظروه على أفعاله ، فاختفى. وردّ المهتدي بالله إلى داره (١).
ثمّ قتل صالح بن وصيف بعد شهر شرّ قتلة (٢).
[كتاب وصيف بن صالح]
وفي أواخر المحرّم من سنة ستّ وخمسين أظهر كتاب ذكر أنّ سيما الشّرابيّ زعم أنّ امرأة جاءت به ، وفيه نصيحة لأمير المؤمنين ، وإن طلبتموني فأنا في مكان كذا. فلمّا وقف عليه المهتدي طلبها في المكان فلم يوجد لها أثر. فدعا موسى بن بغا وسليمان بن وهب ومفلحا وبايكباك (٣) ، وناحور ، ودفع الكتاب إلى سليمان فقال : أتعرف هذا الخطّ؟
قال : نعم خطّ صالح بن وصيف.
ثمّ قرأه عليهم ، وفيه يذكر أنّه مستخف بسامرّاء ، وإنّما استتر خوفا من الفتن. وأنّ الأموال كلّها عند الحسن بن مخلد.
وكان كتابه يدلّ على قوّة نفسه. فندب المهتدي إلى الصّلح ، فاتّهمه موسى وذويه بأنّه يدري أين صالح. فكان بينهم في هذا كلام. ثمّ من الغد تكلموا في خلعه ، فقال بايكباك : ويحكم ، قتلتم ابن المتوكّل وتريدون أن تقتلوا هذا وهو مسلم ويصوم ويصلّي ولا يشرب؟ والله لئن فعلتم لأصيرنّ إلى خراسان ولأشيعنّ أمركم هناك (٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٩ / ٤٣٨ ، ٤٣٩ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٢١٨ ، ٢١٩ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٣٢٢ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٢ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢٩٨ ، تاريخ الخلفاء ٣٦٢.
(٢) العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٣٠ ، ٣١ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٣٢٢ ، ٣٢٣.
(٣) في الأصل وقد تكرّر «باكبال» ، وفي مروج الذهب ٤ / ١٨٤ وغيرها : «بايكيال» ، والمثبت عن : تاريخ الطبري.
(٤) تاريخ الطبري ٩ / ٤٤٠ ، ٤٤١ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٢١٩ ، ٢٢٠.