وقال ابن عمرو النّحويّ : حدّثني بعض الهاشميّين أنّه وجد للمهتدي سفط (١) فيه جبّة صوف وكساء كان يلبسه باللّيل ويصلّي فيه. وكان قد اطّرح الملاهي ، وحرّم الغناء. وحسم أصحاب السّلطان عن الظّلم (٢). وكان شديد الإشراف على أمر الدّواوين. يجلس بنفسه ، ويجلس الكتّاب بين يديه فيعملون الحساب. وكان لا يخلّ بالجلوس الخميس والإثنين. وقد ضرب جماعة من الرؤساء. ونفى جعفر بن محمود إلى بغداد ، وكره مكانه لأنّه نسب عنده إلى الرّفض (٣).
وأقبل موسى بن بغا من الرّيّ يريد سامرّاء ، فكره المهتدي مكانه ، وبعث إليه بعبد الصّمد بن موسى الهاشميّ يأمره بالرجوع ، فلم يفعل (٤).
وحبس المهتدي الحسن بن محمد بن أبي الشّوارب ، وولّى عبد الرحمن بن نائل البصريّ قضاء القضاة ، وانتهب منزل الكرخيّ (٥).
وحجّ بالنّاس في خلافته عليّ بن الحسين بن إسماعيل الهاشميّ (٦).
قلت : ذكرنا في الحوادث خروج الأتراك على المهتدي بالله ، وكيف حاربهم بنفسه وجرح. ثمّ أسروه وخلعوه ، ثمّ قتلوه إلى رحمة الله في رجب سنة ستّ وخمسين ومائتين. وكانت خلافته سنة إلّا خمسة عشر يوما. وقام بعده المعتمد على الله.
٥٠٤ ـ محمد بن هارون (٧).
__________________
(١) في السير : صفط ، بالصاد. والمثبت يتفق مع ما في : مروج الذهب ٤ / ١٩٠.
(٢) الفخري ٢٤٦.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٥٣٧.
(٤) السير ١٢ / ٥٣٧.
(٥) السير ١٢ / ٥٣٧.
(٦) مروج الذهب ٤ / ٤٠٦.
(٧) انظر عن (محمد بن هارون المقرئ) في :
سير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٢٤ رقم ١٢٤ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ٢٢٢ ، ٢٢٣ رقم ١٢٢ ، وغاية النهاية ٢ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ رقم ٣٥٠٤ ، وتهذيب التهذيب ٩ / ٤٩٤ (مدرجة في ترجمة سميّه :
الربعي البغدادي) ، وتقريب التهذيب ٢ / ٢١٤ رقم ٧٧٦.
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : لقد فرّق المؤلّف الذهبي ـ رحمهالله ـ بين صاحب هذه الترجمة وهو «المروزي المقرئ» ، وبين صاحب الترجمة التالية =