قال الحاكم (١) : وكلاهما أخطأ ، في علمي إنّما هو أبو بسر ، وخليق أن يكون محمد بن إسماعيل مع جلالته ومعرفته بالحديث اشتبه عليه ، فلمّا نقله مسلم من كتابه تابعه على زلّته. ومن تأمّل كتاب مسلم في الأسماء والكنى علم أنّه منقول من كتاب محمد بن إسماعيل حذو القذّة بالقذّة ، حتّى لا يزيد عليه فيه إلّا ما يسهل عنده. وتجلّد في نقله حقّ الجلادة ، إذ لم ينسبه إلى قائله. وكتاب محمد بن إسماعيل في التّاريخ كتاب لم يسبق إليه. منهم من نسبه إلى نفسه مثل أبي زرعة ، وأبي حاتم ، ومسلم. ومنهم من حكاه عنه. فالله يرحمه ، فإنّه الّذي أصّل الأصول.
وذكر الحكم أبو أحمد كلاما سوى هذا.
فصل في ديانته وصلاحه
قال مسبّح بن سعيد : كان البخاريّ يختم في رمضان كلّ يوم ختمة ، ويقوم بعد التّراويح كلّ ثلاثة ليال بختمة (٢).
وقال بكر بن منير : سمعت أبا عبد الله البخاريّ يقول : أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني إنّي اغتبت أحدا (٣).
قلت : يشهد لهذه المقالة كلامه ، رحمهالله ، في التّجريح والتّضعيف ، فإنّه أبلغ منّا. يقول في الرجل المتروك أو السّاقط : «فيه نظر» أو. «سكتوا عنه» ، ولا يكاد يقول : «فلان كذّاب» ، ولا «فلان يضع الحديث». وهذا من شدّة ورعه (٤).
وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : ما اغتبت أحدا قطّ منذ علمت أنّ الغيبة تضرّ أهلها (٥).
قال : وكان أبو عبد الله يصلّي في وقت السّحر ثلاث عشرة ركعة ، وكان
__________________
(١) في الأسامي والكنى ج ١ / ورقة ٧٩ ب ، ٨٠ أ.
(٢) تاريخ بغداد ٢ / ١٢ ، تهذيب الكمال ٣ / ١١٧٠ ، سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٣٨ ، ٤٣٩ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، مقدّمة فتح الباري ٤٨٢.
(٣) تاريخ بغداد ٢ / ١٣ ، طبقات الحنابلة ١ / ٢٧٦ ، تهذيب الأسماء ج ١ ق ١ / ٦٨ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٧٧٠ ، سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٣٩ ، مقدّمة فتح الباري ٤٨١.
(٤) الوافي بالوفيات ٢ / ٢٠٨.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٤١.