[حرب الموفّق للزنج]
وفيها عقد المعتمد على الله لأخيه الموفّق أبي أحمد على الشّام ومصر ، ثمّ جهّزه ومفلحا إلى حرب الخبيث رأس الزّنج. فكانت في هذه السّنة وقعة بين الزّنج وبين منصور بن جعفر بن دينار ، فانهزم عن منصور عسكره ، وساق وراءه زنجيّ فضرب عنقه. واستباحت الزّنج عسكره.
وعرض أبو أحمد ومفلح في جيش لم يخرج مثله في دهر في العدد والفرسان والأموال والخزائن (١). فلمّا وصل الموفّق أبو أحمد إلى دير معقل انهزم جيش الخبيث مرعوبين ، فلحقوا به ، لعنه الله ، وقالوا : هذا جيش هائل لم يأتنا مثله. فجهّز عسكرا كبيرا ، فالتقوا هم ومفلح ، فاقتتلوا أشدّ قتال ، وظهر مفلح.
ثمّ جاءه سهم غرب في صدره ، فمات من الغد (٢) ، وانهزم النّاس وركبتهم الزّنج واستباحوهم. وتحيّز الموفّق إلى الأبلّة وتراجع إليه [العسكر] (٣) ونزل نهر أبي الأسد (٤) ، ثمّ بعث جيشا ، فالتقوا هم وقائد الزّنج يحيى. فنصر الله تعالى ، وأسر طاغيتهم يحيى ، وقتل عامّة أصحابه. وبعث به إلى المعتمد فضربه ، ثم طوّف به ، ثمّ ذبحه وأحرق جثّته (٥).
وسار الموفّق إلى واسط (٦).
[الوباء بالعراق]
ووقع الوباء الّذي لا يكاد يتخلّف عن الملاحم بالعراق ، ومات خلق ، لا يحصون كثرة (٧). ومات خلق من عسكر الموفّق. ثمّ تجمّعت الزّنج ، فالتقاهم
__________________
(١) العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٦٥ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٢٥٣.
(٢) مروج الذهب ٤ / ١٩٩ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٦٥ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٢٥٣ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٠.
(٣) في الأصل بياض.
(٤) تاريخ الطبري ٩ / ٤٩٢ ـ ٤٩٥ ، الكامل ٧ / ٢٥٣ ، نهاية الأرب ٢٥ / ١٢٢.
(٥) تاريخ الطبري ٩ / ٤٩٨ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٦٦ ، الكامل ٧ / ٢٥٥ ، تاريخ الزمان ٤٤ ، الفخري ٢٥٠ ، ٢٥١ ، نهاية الأرب ٢٥ / ١٢٢ ، ١٢٣ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٠ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٣٠٧ ، ٣٠٨.
(٦) تاريخ الطبري ٩ / ٤٩٩ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٦٨ ، الكامل ٧ / ٢٥٥.
(٧) وقال اليعقوبي في حوادث سنة ٢٥٨ ه : وفيها وقع الوباء بالعراق ، فمات خلق من الخلق ، وكان الرجل يخرج من منزله ، فيموت قبل أن ينصرف ، فيقال إنه مات ببغداد في يوم واحد اثنا