قال محمد بن أبي حاتم : وسمعته يقول : لم تكن كتابتي للحديث كما يكتب هؤلاء. كنت إذا كتبت عن رجل سألته عنه اسمه وكنيته ونسبه وعلّة الحديث إن كان فهما ، فإن لم يكن فهما سألته أن يخرج إليّ أصله ونسخته.
فأمّا الآخرون فإنّهم لا يبالون ما يكتبون وكيف يكتبون (١).
وسمعت العبّاس الدّوريّ يقول : ما رأيت أحدا يحسن طلب الحديث مثل محمد بن إسماعيل. كان لا يدع أصلا أو فرعا إلّا قلعه.
ثمّ قال لنا عبّاس : لا تدعوا شيئا من كلامه إلّا كتبتموه (٢).
سمعت إبراهيم الخوّاص مستملي صدقة يقول : رأيت أبا زرعة كالصّبيّ جالسا بين يدي محمد بن إسماعيل يسأله عن علل الحديث (٣).
فصل في ذكائه وسعة علمه
قال جعفر بن محمد القطان إمام كرمينية فيما رواه عنه مهيب بن سليم أنّه سمع محمد بن إسماعيل يقول : كتبت عن ألف شيخ أو أكثر ، عن كلّ واحد منهم عشرة آلاف وأكثر ، ما عندي حديث إلّا أذكر إسناده (٤).
وقال محمد بن أبي حاتم : قرأ علينا أبو عبد الله كتاب الهبة فقال : ليس في هبة وكيع إلّا حديثان مسندان أو ثلاثة ، وفي كتاب عبد الله بن المبارك خمسة أو نحوها ، وفي كتابي هذا خمسمائة حديث أو أكثر (٥).
وسمعت أبا عبد الله يقول : ما قدمت على أحد إلّا كان انتفاعه بي أكثر من انتفاعي به (٦).
قال محمد بن أبي حاتم : سمعت سليم بن مجاهد يقول : سمعت أبا الأزهر يقول : كان بسمرقند أربعمائة ممّن يطلبون الحديث ، فاجتمعوا سبعة أيّام
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٠٦.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٠٦.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٠٧ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ٢٢٢.
(٤) تاريخ بغداد ٢ / ١٠ ، طبقات الحنابلة ١ / ٢٧٥ ، تهذيب الكمال ٣ / ١١٧٠ ، سير أعلام النبلاء ٤٧.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤١٠ ، ٤١١ ، مقدّمة فتح الباري ٤٨٩.
(٦) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤١١ ، مقدّمة فتح الباري ٤٨٩.