خطوة يخطو محمد ويضع قدمه على قدمه ويتبع أثره (١).
وقال خلف الخيّام : سمعت أبا عمرو بن نصر الخفّاف يقول : محمد بن إسماعيل أعلم في الحديث من أحمد وإسحاق بعشرين درجة ، ومن قال فيه شيء فمنّي عليه ألف لعنة. ولو دخل من هذا الباب لملئت منه رعبا.
وقال أبو عيسى التّرمذيّ : كان محمد بن إسماعيل عند عبد الله بن منير ، فلمّا قام من عنده قال له : يا أبا عبد الله جعلك الله زين هذه الأمّة.
قال أبو عيسى : استجيب له فيه.
وقال جعفر بن محمد المستغفريّ في «تاريخ نسف» ، وذكر البخاريّ : لو جاز لي لفضّلته على من لقي من مشايخه ، ولقلت : ما رأى بعينه مثل نفسه.
دخل نسف سنة ست وخمسين وحدّث بها بجامعه الصّحيح ، وخرج إلى سمرقند لعشر بقين من رمضان ، ومات بقرية خرتنك ليلة الفطر.
وقال الحاكم : أوّل ما ورد البخاريّ نيسابور سنة تسع ومائتين ، ووردها في الأخير سنة خمسين ومائتين ، فأقام بها خمس سنين يحدّث على الدّوام.
قال محمد بن أبي حاتم : بلغني أنّ أبا عبد الله شرب البلاذر للحفظ ، فقلت له : هل من دواء يشربه الرجل للحفظ؟ فقال : لا أعلم. ثمّ أقبل عليّ وقال : لا أعلم شيئا أنفع للحفظ من نهمة الرجل ومداومة النّظر (٢). وذلك أنّي كنت بنيسابور مقيما ، فكان يرد إليّ من بخارى كتب ، وكنّ قرابات لي يقرئن سلامهنّ في الكتب ، فكنت أكتب إلى بخارى ، وأردت أن أقرئهن سلامي ، فذهب عليّ أساميهنّ حين كتبت كتابي ، ولم أقرئهنّ سلامي.
وما أقلّ ما يذهب عنّي من العلم ، يعني ما أقلّ ما يذهب عنه من العلم لمداومة النّظر والاشتغال ، وهذه قراباته قد نسي أسماءهنّ. وغالب النّاس بخلاف ذلك ، فتراهم يحفظون أسماء أقاربهم ومعارفهم ولا يحفظون إلّا اليسير من العلم.
__________________
(١) تاريخ بغداد ٢ / ١٠ ، تهذيب الأسماء واللغات ج ١ ق ١ / ٦٨ ، تهذيب الكمال ٣ / ١١٧٠ ، سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٠٥ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ٢٢١ ، مقدّمة فتح الباري ٤٩٠.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٠٦ ، مقدّمة فتح الباري ٤٨٨.