أو غيره واها : كلمة تقال اما للتعجب من الشيء أو للتلهّف والحسرة ـ الكثبان : جمع كثيب ، وهو التل من الرمل ، والسجع : شدو الطير وغناؤه ـ قطف : بكسر القاف بمعنى مقطوف.
الشرح : يخاطب المؤلف بهذه الأبيات المحب الذي لا يرعى شروط المحبة ولا يعرف قدر محبوبه ، فهو مع ما يكابده من الوجد والشوق قد هانت عليه نفسه فلم يعطها حظها من وصل محبوبها لأنه باعه طائعا بأبخس الأثمان ، أعني بالصد والتعذيب والهجران ، وذلك لجهله بوصف ذلك المبيع وقدره وما يستحقه من غالي الأثمان. ثم يلتفت الشيخ متحسرا على ذلك القلب الهائم الذي استبد به الهيام ، فطيره لا يفارق تلك الأغصان القائمة على كثبانها ، ويديم الشدو والغناء فوقها ، ومع ذلك فهو محروم من ثمارها وقطوفها على حين يستمتع بها غيره ممن واتاهم الحظ بوصال ذلك المحبوب ، وهو كذلك يبيت ليله شاكيا باكيا يندب حظه ويتجرع قسوة الحرمان ، على حين يبيت ذو الوصل ضاحكا نشوان.
ولكنه مع كل هذا الحرمان والعذاب في الحب فهو لا يسلو ولا يزال مفتونا بالجمال ، حتى أنه لو وجده معلقا بالثريا لما قعد عن الطيران إليه.
* * *
لله زائرة بليل لم تخف |
|
عسس الأمير ومرصد السجان |
قطعت بلاد الشام ثم تيممت |
|
من أرض طيبة مطلع الإيمان |
وأتت على وادي العقيق فجاوزت |
|
ميقاته حلا بلا نكران |
وأتت على وادي الأراك ولم يكن |
|
قصدا لها فألا بأن ستراني |
وأنت على عرفات ثم محسر |
|
ومنى فكم نحرته من قربان |
وأتت على الجمرات ثم تيممت |
|
ذات الستور وربة الأركان |
هذا وما طافت ولا استلمت ولا |
|
رمت الجمار ولا سعت لقران |
المفردات : العسس : في الأصل مصدر عس إذا طاف بالليل : يحرس الناس ويكشف أهل الريبة ، المراد به هنا جماعة الحراس ، المرصد : مكان الرصد.