ضلالة وهذيان ، يهرف بما لا يعرف ، ويتكلم فيما لا علم له به ، ولا يحسن الكلام فيه لعدم الفه له وقلة مصاحبته إياه ، فهو منه غريب كل الغربة ، فلا هو من سكانه المقيمين معه ولا حتى من جيرانه القريبين منه ، وهو زنيم يدعي النسبة إلى قوم ليس هو منهم ولم يتشرف أبدا بصحبتهم في أي مكان ، فكلامهم دائما غير واضح المعنى عنده وبمعزل عن إفادة اليقين. والمراد بالقوم هنا أهل الحق من سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن سلك سبيلهم في الأتباع رضي الله عنهم أجمعين.
* * *
نشد التجارة بالزيوف يخالها |
|
نقدا صحيحا وهو ذو بطلان |
حتى إذا ردت إليه ناله |
|
من ردها خزي وسوء هوان |
فأراد تصحيحا لها إذ لم يكن |
|
نقد الزيوف يروج في الأثمان |
ورأى استحالة ذا بدون الطعن في |
|
باقي النقود فجاء بالعدوان |
واستعوض الثمن الصحيح بجهله |
|
وبظلمه يبغيه بالبهتان |
عوجا ليسلم نقده بين الورى |
|
ويروج فيهم كامل الأوزان |
والناس ليسوا أهل نقد للذي |
|
قد قيل إلا الفرد في الأزمان |
والزيف بينهم هو النقد الذي |
|
قد راج في الأسفار والبلدان |
إذ هم قد اصطلحوا عليه وارتضوا |
|
بجوازه جهرا بلا كتمان |
الشرح : وهذا الداعي الزنيم المتعالم ولا علم عنده لا يتجر إلا في الزيوف ، وهي الدراهم المغشوشة ، يظنها بجهله وقلة بصره نقدا جيدا ، فتراه يروج بين الناس قضايا وهمية وجهالات سوفسطائية ، يخدعهم بها ، ويوهمهم أنها علم صحيح ، فإذا انبرى له أهل الحق وأرباب البصائر وردوا عليه زيوفه وكشفوا عن بهرجها لحقه من ذلك أشد الخزي وأسوأ الهوان ، ولكنه لا يستسلم للهزيمة ولا يفيء إلى الحق بل يحاول تصحيحها لتروج في الأثمان ، ويرى أن ذلك مستحيل بدون الطعن في باقي النقود ، فيعمد إلى النقد الصحيح من علوم