لا يولي مناصب القضاء والافتاء إلا حنفيا ، بل ولا يزال كثير من العلماء في مصر وغيرها يدينون بمذهب الأشعري في العقيدة ، لأنه منذ عهد صلاح الدين كان هو المذهب الرسمي لكثير من البلاد الإسلامية ، وكان أتباعه هم الذين يتولون وظائف التدريس في مدارس الحكومة ، فمثل هؤلاء العلماء إنما يريدون تجارة الدنيا من الحظوة عند الحكام وإغداق الأرزاق عليهم. أما أنت يا من تريد تجارة الآخرة التي رأسمالها النجاة من غضب الله وناره المتسعرة ، والربح فيها جنات عرضها السموات والأرض ، تتمتع فيها بالحور الحسان ، وأعظم من ذلك رؤية الرحمن جل جلاله ، ولك فيها ما شئت من ألوان النعيم ، وأنت فيها خالد مقيم لا تفنى ولا تريم ، فيهيئ لتلك الدار الطيبة التي هي سلعة الله الغالبة ثمنا يليق بها من نقد جيد صحيح ، فإنها لا تشترى بالنقد الزائف المغشوش نقدا عليه سكة النبوة وطابعها ومضروبا في المدينة أشرف البلدان ومصدر العلم والهدى والإيمان.
* * *
أظننت يا مغرور بائعها الذي |
|
يرضى بنقد ضرب جنكيز خان |
منتك والله المحال النفس ان |
|
طمعت بذا وخدعت بالشيطان |
ولا يذهبن بك الغرور فتظن أن بائعها جلا وعلا يرضى بالنقد الزائف ثمنا لها مثل النقود التي هي ضرب جنكيز خان قائد التتار الغشوم ، فإذا أنت طمعت في ذلك أن تنالها بمثل هذه الأثمان المزورة المغشوشة فقد منتك نفسك المحال ، وخدعك الشيطان بكواذب الآمال. وقوله المحال بالنصب مفعول ثان لمنتك والنفس بالرفع فاعل.
* * *
فاسمع إذا سبب الضلال ومنشأ |
|
التخليط إذ يتناظر الخصمان |
يحتج باللفظ المركب عارف |
|
مضمونه بسياقه لبيان |
واللفظ حين يساق بالتركيب |
|
محفوف به للفهم والتبيان |
جند ينادي عليه مثل |
|
ندائنا بإقامة وأذان |