شاء الله تعالى ، وإن سلّمنا أنهم المرادون على استحالته فليس فيه دلالة على أن الداعي أبو بكر وعمر.
«بل المراد : دعوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين أمر» النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم «أسامة بن زيد» وأمرهم بغزو الشام وأن يوطئ الخيل تخوم البلقاء من أرض فلسطين «فتخلفوا» أي هؤلاء المدعوّون المخلفون وغيرهم «عنه» أي عن أسامة بن زيد وكان ذلك في مرض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان يقول : «أنفذوا جيش أسامة» فلم ينفّذوا (١) ما أراد ، «فهو» أي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «الدّاعي» لهم «لا غيره» ولا ينافي ذلك قوله تعالى : (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) «إذ لم يخرجوا معه» صلىاللهعليهوآلهوسلم.
«والآية» وهي قوله تعالى «فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوّا» «لم تمنع إلّا من الخروج معه» صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا من الدعاء» أي لا من دعائه لهم إلى الخروج مع غيره وهذا الكلام إنّما هو على ما ذكرناه وهو : «إن سلّمنا لهم أن المعنيّ بقوله «(سَتُدْعَوْنَ ...) الآية» هو المعنيّ بقوله «لن تخرجوا معي أبدا» الآية وهو باطل قطعا.
بل المعنيّ بقوله تعالى : (سَتُدْعَوْنَ ...) الآية : الذين تخلّفوا عن النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم عن غزوة الحديبية وهم : أعراب مزينة وغفار وجهينة وأشجع وأسلم والدّئيل ، وذلك أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمرا استنفر من حول المدينة من الأعراب والبوادي حذرا من قريش أن يصدّوه عن البيت ، وأحرم هو صلىاللهعليهوآلهوسلم وساق معه الهدي ليعلم أنه لا يريد حربا فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا : يذهب (٢) إلى قوم قد غزوه في عقر داره بالمدينة وقتلوا أصحابه فنقاتلهم وظنّوا أنه يهلك ولا ينقلب إلى المدينة واعتلّوا بالشغل
__________________
(١) (ب) ينفذوا.
(٢) (ب) فذهب.