قاعدا والمسلمون قيام ، فلما فرغ من الصلاة أقبل على الناس فكلمهم رافعا صوته حتى خرج صوته من باب المسجد يقول :
«يا أيها (١) الناس : سعّرت النّار وأقبلت الفتن ... إلى آخر كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم».
«وإن سلّم» أنّ النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم أمره بالصلاة «فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إيّاه أوّلا وعزله آخرا بيان منه» صلىاللهعليهوآلهوسلم «لعدم استحقاقه» للإمامة الصغرى فضلا عن الإمامة الكبرى.
«وقيل : بل النص في أبي بكر وعمر معا وهو قوله تعالى : (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ ...) الآية (٢).
والضمير في (ستدعون) للمخلفين ، وزعم صاحب هذا القول أنهم الذين تخلفوا عن غزة تبوك ، وهي آخر غزوة غزاها النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه وكانت في رجب سنة تسع.
قالوا إذ الدّاعي (٣) لهم أبو بكر إلى قتال بني حنيفة ، وعمر إلى قتال فارس والروم ، لأنّ الآية خطاب للمخلفين ولم يدعهم» أي المخلفين «النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم» بدليل قوله تعالى : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ) (٤) وإذا كان الداعي لهم أبا بكر وعمر دلّ ذلك على إمامتهما.
«قلنا» أخطأتم في هذا التدريج لأنه ليس المراد المتخلفين في قوله تعالى «ستدعون ... الآية» المتخلفين عن غزوة تبوك لما سنذكره الآن إن
__________________
(١) (أ) أيها الناس.
(٢) الفتح (١٦).
(٣) (أ) والداعي.
(٤) التوبة (٨٣).